الاثنين، 18 مارس 2013

مابعد البركان -يوميات الثورة المصرية ( 7) _صراع الكاب واللحية



أصدقائى تغيبت عنكم طويلا لأسباب عديدة منها سفرى ومرضى وتقفيل العدد الجديد من مجلة ( أموال ) التى أترأس تحريرها ولمتاعب نفسية من تفاهات الحياة ومنغصاتها التى يضايقنا بها الحمقى والخبثاء الذين تعج الحياة بهم الأن وللمأساة يتصدرون المناصب والصفوف ويتحكمون فى مصائر البشر فى مصرنا العزيزة التى سبق ووصفت ما جرى من تغيير فيها بأنه مجرد تغيير محدود فى قمة هرم السلطة فى مصر ولم يطل بعد كل مؤسسات الدولة وطريقة تدويرها و أن  ( عصابة مبارك ) بنفس أدواته وبنفس التحكم واحتكار المناصب العليا لم ترحل .ورغم أننى ممن أعطوا صوتهم فى الإنتخابات للرئيس محمد مرسى إلا أننى لست راضيا عن أداء حكومته ولا عن طريقة رد الفعل التى تعمل بها الحكومة إزاء عشرات الاحتجاجات و أشكال التذمر.
وأرى وكأن يدا تمسك بكل خيوط المسرح السياسى من معارضة وحكم وشباب ألتراس وكأن من بيده هذا الريموت يضغط عليه فتثور مدينة بورسعيد ثم يضغط مرة أخرى فتهدأ المدينة وكأننا فى لعبة على مسرح العرائس . نفس الشىء فى المحلة وطنطا و الكورنيش وأمام (ماسبيرو ) وفى ميدان التحرير ولست أصدق للأ ن أن الدولة المصرية عاجزة عن فتح الميدان وأنها عاجزة عن حماية نادى الشرطة أو اتحاد كرة القدم مثلا كما لم تكن عاجزة عن حماية  ذاكرة مصر فى (المجمع العلمى ) !
ولا أصدق للأن ان مصر عاجزة عن وقف تهريب السولار أو فك أزمته المستمرة ويصبح السؤال : من بيده الريموت وهل توجد قوة واحدة متحكمة فى القرار السياسى المصرى أم عدة قوى متصارعة ومتحالفة أحيانا ؟ وهل تلك القوى محلية فقط أم إقليمية ودولية أيضا ؟ .. بمعنى أخر فإن أمريكا ليست غائبة عن المسرح المصرى ولا الاتحاد الأوربى واعتقد مع من يعتقدون أن أمريكا لا يشغلها كثيرا من يعتلى عرش مصر ولا تونس ولا الجزائر ولا سوريا ولا الأردن مثلا بقدر ما تشغلها مصالحها الحيوية فى الإقليم والمتمثلة فى حماية اسرائيل و وتأمين إمدادات النفط وحماية الأقليات والمرأة والاقتصاد الرأسمالى الحرومن هذا الفهم عقدت تحالفاتها الجديدة القديمة واستبدلت وجوها بوجوه ونظاما بنظام ولكن أليات العمل والتعاون والمساوامات والصفقات واحدة ولم تتغير !
صراع الكاب واللحية
الملاحظة الرابعة أننى أرى ثمة صراعا بين (الكاب ) و( اللحية ) من سنة 1952 حتى يومنا هذا .أقصد بذلك صراع ( العسكر ) و( الإخوان ) منذ انقلاب الجيش فى 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر ضد الملك فاروق وهو الإنقلاب الذى صار لاحقا ثورة بفعل التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التى شهدتها مصر بعد ذلك .وهذا الصراع أحيانا يخرج للعلن ويأخذ شكل صدامات عنيفة كما فعل عبد الناصر وزج بألاف الإخوان فى السجون خاصة فى 1954 و1966 وأحيانا يأخذ الصراع شكل (التعايش المحسوب ) من الطرفين أوأن يستخدم طرف للأخر للإنتقام من طرف ثالث كما فعل السادات بضرب تيارات اليسار والناصريين والشيوعيين فى السبعينيات بتيار ( الإسلام السياسى ) فى الجامعات والنقابات وأماكن العمل الدعوى والإعلامى فى الصحف والإذاعة حتى انتهى به الحال للقتل بيد من ينتمون للفكر الجهادى فى وضح النهار وبين جنوده وفى يوم انتصاره الذى طالما فاخر وباهى به !
   واستمر الحال هكذا فى عصر مبارك بين شد وجذب وضرب هذا بذاك والسماح للإخوان بدخول الانتخابات على قائمة ( حزب العمل الاشتراكى )  بزعامة إبراهيم شكرى تارة وبالتحالف مع (حزب الوفد) تارة أخرى هذا رغم حظر الأحزاب الدينية وجماعة ( الإخوان ) قانونيا .وبينما حملت تيارات الفكر الجهادى السلاح فى وجه دولة مبارك فى التسعينيات راح تيار( السلفيين ) و(الجمعية الشرعية ) يتمدد بين القواعد الشعبية بمباركة النظام الذى وجد فيهم الوجه المسالم وغير الحركى للإسلام وفى أقل من عشرين عاما صار للسلفيين دعاتهم من المشاهير وصارت لهم قنواتهم الفضائية وتعجب الناس يوم اندلعت الثورة من حجم ظاهرة السلفيين مع أنهم وجدوا وانتشروا فى أخر عشرين سنة من حكم مبارك .لا أقصد بذلك أنهم كانو بمأمن من سجونه ومضايقاته ولكنها لم تصل لدرجة الحظر الكامل أو الحصار التام .
والأن أعتقد أن (صراع الكاب واللحية ) لا يزال موجودا مرات فى صورة علنية ومرات فى صور مكتومة ,وأعتقد أن أمريكا لها دور فى الأمر مرة بضبط الايقاع ومرة بالتفاهمات ومرة بالنصائح . وهذا الصراع هو جزء من صراع أكبر ليس حول الغنائم والمصالح والقيادة فقط بل حول هوية مصر وشخصيتها القومية . وهذه هى الملاحظة الخامسة التى سأتناولها فى المرة القادمة .ودمتم على خير .
     
    

                                                                                                      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق