السبت، 29 ديسمبر 2012

مابعد البركان - يوميات الثورة المصرية ( 6 )


قلت فيما سبق إن مبارك اختصر مصر التاريخ والحضارة فى الأمن فقط وأكثر من هذا شغل الناس بالكرة والمسلسلات والفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين حيث كان يشعلها ثم يسكتها لمصالحة الخاصة وكان يزيد من مخاوف أسياده فى الغرب من القوى الإسلامية بشيطنتها وتفزيع المجتمع منها وبالمقابل كان يضربها الضربات المتتالية بالسجون والتعذيب والملاحقة والتضييق والحصار الاقتصادى ولم نسمع للغرب اعتراضا أو شجبا تحت بند حقوق الانسان !
وأذكر أن لقاء جمعنى بصديقى الأديب محمد السلاب وهو يعمل مدرسا للغة الإنجليزية فى مدينة شربين التابعة للمنصورة بدلتا مصر وكنا نسير فى الشارع المحاذى لقسم الشرطة فرأيت مكان القسم القديم الذى كان من طابقين مبنى كبير وضخم من عدة أدوار ولما سالته عنه قال إنه مبنى ( امن الدولة ) بالمدينة .اندهشت وقلت إنه يصلح لإدارة دوله وليست مدينة وعدة قرى تتبعها!
هكذا كان نظام مبارك .ينفق على الأمن بسخاء ظنا منه أنه سوف يحميه وعندما جاءت الثورة مثل البركان قلعته من جذوره ولم تنفعه أجهزته الأمنية التى كانت مسخرة له وصرفت نظرها عن ( الأمن الجنائى ) أو أمن المواطن العادى . وهذه الأيام أسمع من وزير الداخلية الحالى اللواء أحمد جمال الدين توجيهاته لأفراد الشرطة قائلا إن عقيدة الشرطة تغيرت لتعمل لصالح الشعب وليس النظام وإنها تعمل وفقا للقانون واحترام حقوق الإنسان . وهذا كلام جيد وهو ما يجب أن يكون وأن نراه بالأفعال .
أعود إلى ما كان يفعله مبارك وما راكمه نظامه من مظالم وكيف كان المواطن لا يحصل على حقه لا بالقانون ولا بالقضاء بعدما ضرب السوس كل مؤسسات الدولة وصارت الرشاوى مقننة والفساد بالقانون وممنهجا وكان المواطن لا يحصل على حقه إلا إذا دفع للقضاء ليحصل على حكم لصالحة ثم يدفع للشرطة لتنفيذ الحكم وإلا فلا مكان له فى بلده .ثم لم يكن غريبا بعد ذلك أن تصبح القدوة فى لاعب كرة وفى عضو مجلس برلمان يتاجر بالمخدرات او يلعب القمار حيث ظهر ( نواب القمار ) فى برلمان 2010 .وكما كتب احد الزملاء فى كتاب عن فضائح الداخلية فى عصر مبارك أنها كانت تستطيع مراقبة 300 ألف شخص فى نفس اللحظة !وكان نزول أحدنا لقريته مرصودا لحظة لحظة . أنه نظام فى قمة الغباء .ولم يكن هذا ببعيد عن مبارك الذى لم يقرأ كتابا فى حياته ولم يتذوق موسيقى ولم يعرف غير الطعام وحب جمع المال بشراهة !
إن محمد على الألبانى الغريب عن مصر أدرك قيمة العلم وأرسل البعثات إلى أوربا .أما مبارك فلم يكن يشغله غير توطيد أركان حكمه وجمع الملايين من الصفقات والعمولات ونهب مال الشعب ثم تكميم الأفواه .لم يكن مجرد ديكتاتور عادى بل سوبر مع غباء وغطرسة وكبرياء فارغ . قال عن المعارضة : ( خليهم يتسلوا ) وقال وريث عرشه ابنه جمال فى مؤتمر واسع عندما سألوه عن شباب الانترنت : ( أنا مش هرد حد تانى يرد ) ساخرا من هؤلاء الشباب !
كان نظاما مغيبا عن الواقع ويرفض أن يرى أن الدنيا تغيرت من حوله . حتى عندما اندلعت الثورة فى تونس قبل مصر خرج علينا أركان النظام يقولون بغطرسة ( إن مصر غير تونس ) !
وعندما شعر مبارك أن الشباب لن ينفض من الميادين لجأ للغة التهديد التى لا يعرف غيرها مع شعبه وقال : ( عليكم ان تختاروا بينى او الفوضى ) . أليست هذه قمة الغطرسة والإستعلاء على الناس وكأنه إله متحكم فى مصائر البشر !
لقد مر عام ونصف ومصر بدون رئيس ومع كل المؤامرات الخارجية والداخلية والاستقطاب الحاد لم تسقط مصر ولن تسقط . لقد قال أستاذ القانون بجامعة هارفارد ( نواه فيلدمان ) لصحيفة ( الأهرام ) فى الثلاثاء 25 ديسمبر 2012 إن مصر لن تشهد حربا أهلية .وهذه حقيقة لأسباب كثيرة قد أشرحها فى موضع أخر .ولكن يكفى أن أقول إنه لا الاحتلال ولا الفقر ولا الطغيان نال من عزيمة المصريين وارادتهم القوية وحبهم للحياة . وقد كتب أحد الرحالة وقد زار مصر فى العصور الوسطى وشاهد لهوالمصريين : ( إنهم يمرحون ويلهوون وكأنهم فرغوا من يوم الحساب ) !
المصرى يتألم نعم . يفتقر نعم .ينكسر لا . وصدق الرئيس محمد مرسى فى خطابه بالامس أمام مجلس الشورى عندما قال إن مصر لن تركع أبدا ولن تفلس وهذه حقيقة يطول شرحها . ولكن زيارة واحدة لسوق العتبة فى وسط القاهرة ورؤية طوفان البشر الذين يشترون بضاعتهم خير دليل للرد على من يزعم إفلاس مصر . كذلك زيارة واحدة ل ( مول العرب ) فى السادس من أكتوبر ستجعلك تشعر ان هذه بلد وفرة وليست ندرة . وقد أخبرنى (زياد مغربية ) مدير عام المول أنه فى عز وجود المظاهرات فى ميدان التحرير لم ينقطع زحام التسوق فى المول .وقال إن المصريين يشرون أكثر من شعوب خليجية معروفة بوفرة السيولة مثل السعوديين .
لذلك ولعشرات القرائن فإن حديث الاقتصاد المجرد لايصلح للحكم على بلد كمصرولا على شعب مثل المصريين عمرهم ألاف السنين . أقول هذا وأنا لست من (الإخوان المسلمين ) ولست من ( حزب النور) السلفى  ولست من أى حزب ولم أكن فى ( الحزب الوطنى ) الحاكم المنحل  . بل أنا مصرى مسلم وسطى معتدل لى عشرات من اصدقائى النصارى وقاريء جيد للتاريخ .
إن مثل مبارك لم يعرف معدن شعب مصر ولم يقدره حق قدره بل استهان به وأهانه وتعمد إذلاله فركله الناس فى صندوق القمامة ولم تدمع عليه عين فى الوقت الذى بكت فيه الملايين عبد الناصر رغم ديكتاتوريته وهزيمته من إسرائيل لأنها رأت فيه واحدا منها ومتلامسا مع أحلامها وباعثا لمشاعر العزة والكرامة فى نفوسهم وهى من المفاتيح السرية لقيادة المصريين . أن تحترم كرامتهم ولا تحط من شأنهم . لقد صنع مبارك فى مصر وبالمصريين مالم يصنعه أى مستعمر مر على مصر ..وللحديث بقية .
وقبل أن اودعكم انوه إلى ماكنت ذكرته عما قاله لى د.نبيل راغب عن السادات واستكمله بما قاله أستاذنا الجليل د. محمد عنانى ( للأهرام ) يوم 23 ديسمبر 2012 من أن استاذه د. رشاد رشدى هو من كتب قصة حياة السادات المعروفة باسم ( البحث عن الذات ) وترجمها د. عنانى للإنجليزية .
الأمر الثانى اننى شاهدت الليلة بوحى من زوجتى فيلم جوليا روبرتس (eat pray love ) وتعنى ( الأكل والصلاة والحب ) وهو فيلم جيد طافت فيه البطلة من نيويورك إلى إيطاليا والهند وبالى بحثا عن ذاتها أو عن التوازن . ولا شك أن الشرق مهبط الأديان والدفء والروحانيات وسيظل ملهما فى عصر جرفت فيه الحياة العصرية الصارمة غذاء الروح . والفيلم ذكرنى برواية أديب نوبل ( باولو كويلو ) المعروفة باسم ( السيميائى ) والتى ترجمها ( بهاء طاهر ) للعربية باسم ( ساحر الصحراء ) وهر رواية ممتعة حقا . ودمتم على خير .   

ما بعد البركان-يوميات الثورة المصرية(5)


كنت توقفت قبل يومين عند فيلم ( الكلمات ) أو ( the words) ثم جاءت نهاية الأسبوع وفيه شاهدت فيلما رائعا أخر هو الفيلم المصرى ( قص ولزق) للمبدعين شريف منير وحنان ترك وهوفيلم ذكرنى بفيلم ( الحب فوق هضبة الهرم ) للرائع أحمد ذكى وأثار الحكيم وهو مأخوذ عن قصة لأديب نوبل نجيب محفوظ بنفس الإسم ولكن مع تعقد المشاكل وتطورها عن الزمن الذى كتب فيه محفوظ قصته وإن بقى الجوهر واحدا عن مشاكل الشباب لكسب العيش وتكوين أسرة بالزواج . ثم أعدت مشاهدة فيلم (أرض الخوف ) وهو فيلم رائع للفنان الساحر أحمد زكى .كما أعدت مشاهدة مسرحية ( سكة السلامة ) للفنان الرائع والملتزم محمد صبحى . أيضا انتهيت من قراءة بعض الصحف والمجلات والكتب التى تراكمت على مدارالأسبوع الماضى . وأنا ممن يعشقون القراءة بنفس حبى لمشاهدة أفلام السينما والمسرحيات الجادة . ولولا انى كاتب لكنت قضيت عمرى فى القراءة فقط وبكل اللغات وفى كل المجالات وكلما قرأت شعرت بالمتعة وكم أنا لا أعرف الكثير وكم هو جهلى !
المهم أعود لفيلم ( الكلمات ) وبه ثلاث قصص متعاقبة ومتوازية بثلاثة شخصيات .. مؤلف كتب قصته وأضاعتها زوجته فضحى بها حزنا على كلماته ومؤلف مغمور عثرعليها فصنع بنشرها ونسبتها إليه مجده الأدبى والمادى وومؤلف ثالث كتب قصتهما معا .
الأول عاش مغموما طيلة حياته على فقد قصته وزوجته والثانى بدأت معاناته يوم التقى الأول وحدثت بينهما اللحظة الكاشفة لمشاعر الجميع . فأنت قد تنجح فى خداع البعض ولكن ماذا ستقول لمن بنيت مجدك على أكتافه ومن دمه ؟!.. والثالث بهرت قصته عن الأول والثانى المجتمع الأدبى ولكنه كان يعيش انفصاما بين الواقع والخيال وكان ممزقا وهشا من داخله ولا يعرف كيف يستمتع بكل ما هو فيه وعندما واجهته شابة حسناء صغيرة بماضيه وحاضرة خر ساقطا أمام جراته وصراحتها .
ومأزق الشخصية الأولى يهون فهو أضاع عمره سدى ولم يعد من عمره ما يصنع به طموحا أو مستقبلا فمستقبله فى ماضيه وهو أسير ذلك الماضى الحزين والمؤلم .والشخصية الثالثة مأزقها هين فهو سرعان ما سيمضى فى طريقة ولن تعترضه كل يوم شابة حسناء تفكره بماضيه أو تكشف عنه ورقة التوت التى تغطيه . أما الشخصية الثانية فهى الموعودة بالعذاب لأنه أصبح يحتقر نفسه كلص سرق كلمات غيره وأصبح فى قرارة نفسه يوقن أنه لا يستحق ما ناله من مجد وشهرة ومال . إنه يعيش مشاعر المغتصب لفتاه أو لشيء ليس له . وزادت مشاعره تعقيدا بلقاء صاحب النص الأصلى ومعاينة مأساته . وهنا حاول أن ينتزع منه اعترافا أو صكا بالغفران أو تسامحا نحوة لعله تشفى نفسه وتزول المرارة التى علقت بروحة .وهو سعى أراه بلا فائدة ورغم إصراره على انتزاع هذا الإعتراف بكل المغريات فإن الرجل الأول لا يملك منحه إياه إذ كيف يتنازل عن حياته وأفراحه وأحزانه لأخر .إنها ذكرياته هو ومشاعره هو ولا يملك التنازل عنها وكل ما استطاع تقديمه للمؤلف الشاب الذى سرق قصته أن قال له أن يسير لحال سبيله وأن ينساه ولا يلتفت إليه وان يتركه بماضيه وفى ماضيه . ولكن المؤلف الشاب لا يستطيع . لقد توقفت حياته وأصبح كالمغتصب الذى يرجو فتاة عذراء اغتصبها أن تسامحه وتغفر له عدوانه البشع عليها وهى لا تستطيع وهو لا يستطيع أن يمضى خطوة إلى الإمام
وهكذا سيظل فى دوامة من التيه والحيرة والشعور العميق بالذنب والعاروهكذا ينتهى الفيلم وشخصياته الثلاثة مأزومة وضائعه ووحائرة وكأنها وجدت نفسها فى صحراء مترامية الأطراف فلا المجد ولا المال ولا الشهرة قادرة على شفاء الروح أو غسل اوساخ الضمير . وهكذا كتب القدر مصائر الشخصيات الثلاثة ولا رد لقلمه.       

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

ما بعد البركان - يوميات الثورة المصرية (4)

عذرا .. كنت أنوى الليلة قضاء وقت كبير فى كتابة مابدأته عن المقدمات التى قادت لقيام الثورة المصرية من وجهة نظرى وتحليلى الخاص ولكن حدث أمرا لم أخطط له إذ دعتنى زوجتى لمشاهدة فيلم رشحته لى فدخلنا غرفة نومنا وأطفأنا الأنوار وقمنا بتشغيل الفيلم على ( اللاب ) وقد كانت امسية شتوية جميلة مع فنجان كبير من القهوة ومتابعة فيلم أمريكى رائع حقا اثر فى وتأثرت به وحرك وجدانى ولمس أعماقى .ولأنى أعتبركم لستم مجرد قراء وأنا لست مجرد كاتب سأحكى لكم عن هذا الفيلم وأدعوكم لمشاهدته والإستمتاع به كما استمتعت أنا به ايضا ولنبدأ من اسم الفيلم ..
الكلمات (the words )
اسم الفيلم ( الكلمات ) وهو يحكى ثلاث قصص إنسانية فى قصة واحدة عبر ثلاثة أزمان متعاقبة ومتوازية وعبر التنقل بين باريس ما بعد الحرب العالمية الثانية و نيويورك فى أمريكا . وحقا الفيلم أخذنى لعالم السحر والخيال والغوص فى النفس البشرية وصراعها بين الحب والطموح وبحث كل إنسان عن أسطورته الخاصة ولاأملك إلا التعاطف مع جميع شخصيات الفيلم كما تعاطفت مع بطل رواية ( الجريمة والعقاب ) للروائى الروسى العظيم ( دستوفسكى ) وكذلك شخصيات الروائى الروسى العظيم أيضا ( تشيكوف ) وقد قرأت مجموعته الكاملة مرتين وهو بحق رائد القصة القصيرة بالعالم . لقد كانت روسيا زاخرة بأدباء عظام ولا أدرى ماذا جرى لها ونضب معينها منهم .هل الشيوعية هى السبب أم أن عصرنا الحالى لم يعد يستطيع إنجاب قامات كبيرة فى الشعر والقصة والرواي والأغنية . لأن نفس الأمر يقال على أوروبا التى أنجبت أدباء كبار وكذلك أمريكا حتى نصف قرن مضى ثم دخلنا عصر الصورة والكلمة السريعة غير الخالدة والطعام سريع الطهو قليل الفائدة . ويبدو أنه ضريبة التقدم وفاتورة الحضارة المعاصرة ولعنة المال لأننا كلنا صرنا مجرد تروس فى ماكينات عملاقة لا ترحم ولابد أن نستمر ونواصل ونستيقظ صباحا للذهاب إلى عمل يومى روتينى وسخيف وممل ونضطر لمجاورة شخصيات ثقيلة الظل و تحمل ضجيج وصخب يدمر أعصابنا ناهيكم عن المواصلات فى قاهرتنا ومصرنا العزيزة ذهابا وإيابا إلى البيت وهى وحدها قادرة على تحطيم أى قدرة على الإبداع !
كل ذلك من أجل دفع أقساط الشقة السنوية وفواتير الماء والكهرباء والغاز وشراء اللحم والسمك والطماطم والبصل و البطاطس والحلوى التى تحبها زوجتى وللعلم زوجتى من النوع الذى يشرب الشاى والقهوة مع الماء البارد وتتناول الحلوى فى نفس اللحظة !..كيف لا أعرف ولكنها الحقيقة . عموما يكفى هذا السر عن زوجتى الأن ولنعد الى الفيلم الذى شاهدته الليلة بوحى من زوجتى ولها الشكر على ذلك .
الفيلم يحكى فى قصته الأولى سيرة جندى أمريكى ذهب إلى باريس بعد الحرب العالمية الثانية وهناك بدأت علاقته بالقراءة وحب الكلمات من خلال صديق تعرف عليه فى وحدته العسكرية . وأحب فتاة من ريف فرنسا ثم اضطر للعودة إلى نيويورك ومن أجل حبه عاد إلى باريس وتزوج حبيبته وعمل فى صحيفة ما وأنجب طفلة جميلة ثم ماتت وكان موتها ومرارة فقدانها خاصة على زوجته أشبه بالبركان فعمد إلى كتابة مأساته على الألة الكاتبة واستمتع بالكتابة حتى ملته زوجته وتركته عائدة إلى أسرتها فى الريف واسترضاها واعادها وكان ترك لها قصتهما التى كتبها لتقرأها وكان فى بدء علاقتهما قد علمها الإنجليزية وهى علمته الفرنسية . عادت الزوجة ونسيت الحقببة الجلدية القديمة وبها أوراق القصة فوق أحد رفوف عربة القطار ومن صدمته لفقده قصته وضياعها أطاح بزوجته وفقدها وهام على وجهه لسنوات ثم عاد لنيويورك وحيدايتجرع ماضيه وفى إحدى سفرياته رأى زوجته السابقة على رصيف محطة أتوبيس ومعها زوجها وابنتها فلوح لها  ولوحت له وعاد لأحزانه . ومرت الأيام وكان هناك مؤلف شاب لا يعترف أحد بما يكتبه وتلك هى القصة الثانية وكان عليه أن يعمل فى دار نشر لسد رمقه وزوجته التى كا ن يحبها وذهبا لقضاء شهر العسل فى باريس وهناك وقعت يده على الحقيبة التى كان فقدها الرجل الأول وكانت معروضة للبيع بمحل يبيع الأشياء القديمة واشتراها ليجد فى داخلها قصته فجذبته وكتبها من جديد على أنها من تأليفه وذهب بها لناشره فذهل من روعتها ونشرها على الفور باسم ( دموع على النافذة ) وحققت مبيعات عالية جدا وتغيرت حياة المؤلف الشاب .. اقتنى منزلا اوسع وأغلى وزاردت أرباحه وصارت قصصه القديمة العادية تنشر على السمعة والشهرة التى جلبتها له القصة حتى كان ان وقعت فى يد مؤلفها الأصلى الذى لم ينقطع عن هوايته فى حب القراءة رغم أنه أصبح عجوزا ووجد قصته ذاتها قد سرقها غيره ونسبها إلي نفسة . بحث عنه والتقاه وحدثت المواجهة الحتمية بين صاحب النص الاصلى وصاحب القصة والكلمات والمؤلف الشاب الذى سرقها وبدأت لحظة الحقيقة وكشف الغطاء عن الوهم وخداع الذات وهنا تتحول الشخصيتان تحولا جذريا عميقا . إنه صراع الروح والضمير مع الشهرة والمال ولعنة الكلمات التى تطاردالمؤلف الشاب الذى حقق مجده من عذابات الرجل العجوز الذى ضحى بزوجته وحبيبته من أجل كلماته فضاعت منه وهو الذى كان أحرص الناس على نشرها باسمه ثم بعد سنوات يجد مؤلفا مغمورا يحقق من نشرها مجدا وأرباحا . أليس كل واحد منا فيه جزء من صاحب الكلمات الأصلية ومن المؤلف الشاب الذى سرقها ؟ غدا إن شاء الله اواصل معكم الحديث عن الفيلم وتعليقى عليه كفيلم أعجبنى واعذرونى لأنى لم أواصل حديث السياسة الثقيل وحاولت أن أتخفف الليلة بحديث فى الفن والأدب وصراعلت النفس البشرية التى هى بالاصل وقود السياسة وبدونها لا تظل جمرة النار مشتعلة على الدوام وما قتل ( قابيل هابيل ) !.. نلتقى على خير .    

ما بعد البركان- يوميات الثورة المصرية ( 3)



لا زلت اتحدث معكم عن اهتمام نظام مبارك اولا وأخيرا بالأمن ولا شيء غير الأمن حيث تم اختصار مصر بتاريخها وعظمتها فى جهاز (أمن الدولة ) . وأصبحت جميع التعيينات لجميع موظفى الحكومة تتم عبر الجهاز من أصغر فراش فى مدرسة إلى الوزير . وأصبح مسؤل الأمن فى كل محافظة ومدينة هو الحاكم الفعلى لها . وأكثر من ذلك صار الأمن يتحكم فى العاملين فى القطاع الخاص . يرهب ذلك الشخص . ويغلق مؤسسة شخص اخر .و يساوم ثالثا على دفع مبلغ من المال كإتاوة بدون وجه حق .واصبح مجرد رفع مسؤل الأمن لسماعة تليفونه يعنى إنهاء ملف أو موضوع أو فتحه بالأمر .
أسطورة الأمن
وتشعبت دولة مبارك الأمنية وتغلغلت فى الإقتصاد والرياضة والفن والصحافة والطب والجامعات والمساجد والكنائس ولم تعد مقصورة على النشاط السياسى او الأحزاب أوالمعارضة الساسية للحكم . وتحول الأمر لظاهرة بمعنى أنه لم يعد سرا تدخل الأمن فى كل تفاصيل الحياة فى مصر بل اصبح شائعا وتحول لظاهرة معتادة . وهذا مكمن الخطر حتى على نظام مبارك نفسه لأن كل مواطن صار يوقن أن مصيره متعلق بتقرير من الأمن . ولا تعيين لمدرس أو إمام فى مسجد أوعضو باتحاد طلاب أى جامعة دون موافقة الأمن .ثم لا يستطيع المعين مهما كانت قدراته ومواهبه ان يبدع أو يتفاعل مع محيطة دون موافقة الأمن ورضاه وإلا كانت العواقب وخيمة على من يغامر بالعمل مستقلا . إذ لا مكان فى دولة مبارك للإستقلال أو الخصوصية أو التألق خاج الدائرة المرسومة لكل مواطن .
وأدى هذا الامر لخلق أسطورة الأمن وصناعة صورة ذهنية عن رجل أمن الدولة كرجل سوبر ومخيف وقادر على كل شيء . واصبح الضابط العامل فى الجهاز يتصور نفسه ( نصف إله ) يأمر فيطاع وانهالت عليه الأموال من كل اتجاه و الهدايا واصبح معروفا وشائعا أن يقبض ألاف الجنيهات أو الدولارات وأحيانا الملايين من أصحاب النفوذ لقضاء حوائجهم أو التخلص من خصومهم أوتلفيق القضايا ضدهم . وبذلك تخلى الأمن عن دوره الأصلى للعمل لحساب اشخاص او مجموعات مصالح تكونت وتشعبت واستفحلت وتداخل نهب أراضى الدولة مع التجارة فى السلاح والمخدرات وتسهيل الدعارة واستيراد أغذية وسلع مغشوشة وإغراق أسواق مصر بها .وازدهرت تجارة الأثار. ولم يعد يخجل اللص أو تاجر المخدرات أو المهرب مما يفعله بل حصل على غطاء أمنى يكفل له الحركة بكل حرية وأكثر من ذلك أن تفتح له جميع الأبواب المغلقة والسيادية وسدت جميع منافذ الأكل الحلال والترقى الطبيعى بحسب كفاءة ومجهود كل مواطن .
ولم يعد أمام اللصوص ومن نهبوا الأراضى و تجاروا بالأثار والمخدرات غير أن يلتحقوا بالحزب الوطنى الحاكم وقد فعلوا ومن بوابة الحزب دخلوا على البرلمان فاصبحوا أعضاء به وخطورة ذلك أنهم صاروا يشرعون لمصر ويضعون القوانين و كلما مررت الحكومة قانونا وأراد ( احمد فتحى سرور ) -  رئيس البرلمان المفضل عند مبارك والذى احتكر مقعده لعشرين عاما - أخذ التصويت عليه كإجراء شكلى رفع هؤلاء الاعضاء أياديهم بالموافقة وكونوا (أغلبية مصطنعة ) . وأصبحت النخبة السياسية والإقتصادية و ايضا الإعلامية والرياضية والفنية و الدينية متورطة لأذنيها مع مبارك ( الأب والإبن والسلطانة الأم _ اقصد مبارك وولده جمال وزوجته سوزان ) .
وانتهت مشاهد المعارضة الحقيقية ورموزها من أمثال ( إبراهيم شكرى وممتاز نصار وحلمى مراد وعادل حسين ومصطفى شردى ) وغيرهم ليحل محلهم معارضة ديكورية وتمثيلية مدفوعة الأجر .. نعم معارضة تقبض ثمن معارضتها وأحيانا قبل أن تمثل دورها المنوط بها !
وظهر ( نواب القروض ) الذين اقترضوا من البنوك الملايين دون ضمانات أو بضمانات وهمية ولم يردوها . وظهر ( نواب النقطة ) الذين تم تصويرهم وهم يرمون الدولارات على الراقصات فى الملاهى الليلية . وظهر ( نواب الكيف ) الذين طالتهم شبهة الإتجار بالمخدرات . وانتشرت السيديهات الجنسية لبعض رجال السياسة والفن وبعض رجال الأعمال وكان يتم تسريبها وتحدث فرقعتها الإعلامية لأيام علاوة على تأثيرها فى التخلص من المشاغبين أو سحب توكيل استيراد منهم او للضغط عليهم فى اتجاه معين !
كرة القدم
وتم تسييس كل شيء وإخضاعه لسيطرة الأمن بما فى ذلك المجالين اللذين لم يعد على السطح غيرهما وهما ( كرة القدم والفن ) وأصبحت مباريات المنتخب القومى لكرة القدم أهم حدث مصرى لدرجة ان مبارك الذى لم يدعم يوما لا التعليم ولا البحث العلمى إلا بملايين زهيدة صار يشاهد فى استاد الكرة هو و زوجته وولديه وحاشيته واصبح يحضر تمارين المنتخب لدعم اللاعبين . ثم يستقبلهم فى القصر الجمهورى لتكريمهم مرارا . ووصل الحال لدرجة ان مباراة مصر مع الجزائر فى السودان تم تصويرها على أنها معركة حربية استدعت ان يتدخل ( مبارك وبوتفليقة ) للتعليق عليها . وكان ذلك قمة الملهاة وقلب أولويات الشأن العام وتغيير جدول أعمال الأمة المصرية إلى الحضيض . وكان ذلك أحد الطرق المؤدية إلى الإنهيار والسخط العام والسخرية من رئيس ترك عبارة ( سالم إكسبريس ) تغرق بركابها فى البحر الأحمر . وترك (قطار الصعيد ) يحترق بركابه وتفرغ لحضور مباريات كرة القدم !
ولم يفلح إعلام الدولة الحكومى فى السيرفى التضليل والكذب والإلهاء والإقناع معا وإن ظن أنه يؤثر وريادى كما كان يقول وزير إعلام مبارك لعقود ( صفوت الشريف ) من ان الإعلام المصرى حقق المعجزات والريادة ووغزو الفضاء !
كان كل ذلك يجرى فى واد ومصر فى واد اخر بعيدا عن النخبة الحاكمة والمتحكمة فى مصائر البلاد .. كان هناك السلفيون بالملايين وظاهرة الدعاة النجوم وسكان المناطق العشوائية والمصريون بالخارج الذين شاهدوا الفوارق الكبيرة بين بلادهم التى تسمى ( مصر أم الدنيا ) وبين البلاد التى يعيشون فيها . وكان هناك فئة جديدة من الشباب تلقواتعليما جيدا ويتمتعون بمستوى اقتصادى جيد ويرفضون ما عليه بلادهم ويعلنون معارضتهم لحكم مبارك الذى لم يروا حاكما سواه من ولادتهم حتى بلغوا الثلاثين ولم يكن يبدو فى الأفق أى بادرة لتغيير جاد وحقيقى ولا بصيص نور أو شرارة أمل .
سد مبارك كل الطرق وقطع كل الجسور ووضع البلاد فى ثلاجة الحفظ لسنوات واستراح وظن أن الزمن لا يتحرك وان الشمس لن تشرق على مصر وانه من القدرة بحيث يستولى على أقدار العباد لعقود تالية .. ولكن الفجر كانت تلوح بشائره والشمس كانت تتأهب للسطوع والشعب كان قد بدأ يتململ ويسخط ويقاوم ولم تعد ترضيه المسكنات ولا التهديدات !
زادت سطوة الأمن وخنق الناس حتى فقد الأمن جدواه .وزاد الكذب حتى فقد النظام مصداقيته وإن حاول أن يتجمل وبصدق لم يعد يصدقه أحد .
قطع مبارك ( شعرة معاوية ) مع شعبه مبكرا فهان على الناس وانتظروا شرارة البداية لتكون الثورة وتكون مصر بين خيارين لا ثالث لهما : إما أن يرحل مبارك باى ثمن أو تحترق البلاد . وكان لابد أن يرحل مبارك لأن كل عمليات الترقيع والتجميل لم تعد تنقذه من غضبة شعبه . انفض عنه الجمهور وخلا المسرح وانطفأت الأنواروانتهت السنوات المريضة والكئيبة وانجلى الليل الحالك السواد عن صبح مشرق وكانت الثورة .
ونواصل غدا .  

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

مابعد البركان- يوميات الثورة المصرية (2)


قلت فى المرة السابقة إن الأمن ثم الأمن كان الشغل الشاغل لمبارك ولم تكن تعنيه لا التنمية ولا الرخاء الاقتصادى ولا البحث العلمى وإن كان النظام كان يطنطن بدفاعه عن محدودى الدخل ويتاجر بأحلام البسطاء ولا مانع من الإطاحة برئيس هيئة السكك الحديدية بعد كارثة حريق ( قطار العياط ) ولا مانع من عدة برامج تليفزيونية للتنفيس بواسطة إعلاميين يعرفون حدود الدور المنوط بهم ويعرفون ( من أين تؤكل الكتف ) مثل مفيد فوزى فى برنامجه ( حديث المدينة ) ومحمود سعد فى (البيت بيتك ) ولكن العمود الفقرى للنظام كان راسخا والخطوط الحمراء كانت صارمة وأولها عدم الاقتراب من مبارك الأب أو الابن بل إظهاره فى مظهر المخلص دائما وكأنه الحائط الأخير لحماية الفقراء والضحايا من الذئاب المفترسة التى كانت هى ذاتها أركان نظامه وحاشيته المخلصة . وكأنه لا يدرى بما يدور من فساد أو خلل وبمجرد أن يعرف به يتصدى له على الفور .وهى ذاتها لعبة الحكام الديكتاتوريين فى كل مكان وزمان .. أن يبدو كالحمل وسط الذئاب مع أنه فى الأصل مروض الذئاب ومسمن الحملان !
دولة (أمن الدولة )
على كل سأحكى لكم بعض المشاهد الدالة على ان دولة ( أمن الدولة ) كانت هى الحاكم الفعلى لمصر ولم تكن الحكومات المتعاقبة إلا مجرد ( سكرتارية ) تنفيذية عند الرئيس بشهادة ( يوسف والى ) نفسه وكان لسنوات أمينا عاما للحزب الوطنى الحاكم ووزيرا للزراعة .ولم يكن المحافظون فى محافظاتهم إلا مجرد منفذين لتعليمات الأمن وكذلك المستويات الأدنى على مستوى المدينة والقرية لدرجة أننى كنت كلما نزلت قريتى الرابضة فى شمال شرق الدلتا اسمها( رأس الخليج - كفر الترعة الجديد ) وهما قريتان متجاورتان تتبعان مركز ( شربين ) التابع لمحافظة الدقهلية وتتوزع بينهما عائلتى ( البيلى النجار ) ..كنت أفاجأ ببعض أولاد أعمامى يؤكدون لى أن القرية مليئة برجال أمن الدولة وكنت أندهش بشدة كيف لقرية مسالمة جدا وهادئة جدا يعمل معظم اهلها بالزراعة ويعرفون كلهم بعضهم البعض ويوجد بينهم من يعمل عميلا للأمن تحت أى مسمى ضد أهله وناسه !
حتى كان يوم سفرى وأمى من القرية للقاهرة بالقطار بعد عطلة عيد ولأن أمى عشرية وتتجاوب مع الناس بسرعة وتندمج معهم وكأنهم أهلها كونت علاقة مع مسافرة معنا كانت ترتدى النقاب الذى يخفى كامل وجهها وتعارفت عليها وعلى عائلتها وكان مع هذه السيدة طفلها وكان فى الصف السادس الابتدائى ورحت أجرى معه حوارا عرفت فيه منه أنه إلى جانب دراسته يتولى الأذان وإمامة الصلاة بمسجد نشأ حديثا على شاطىء النيل وأنه يمسك بمفاتيح المسجد وكل شؤونه ..وكان الطفل يتحدث بفخر وزهو وعندما أبديت دهشتى قال لى بالحرف : ( إن أبى يعمل مع أمن الدولة ويستطيع فعل أى شيء وهو الذى وضعنى ولا يستطيع احد أن يعترض مهما كان ) !
وبقدر ما صدمتنى المفاجأة من طفل صغير لا يعرف الكذب ويتباهى بما يحكيه بقدر ما تجمع عندى جزء من تفاصيل الصورة الأكبر لنظام أمنى نجح فى التغلغل والوصول لأعماق القرى والسيطرة حتى على مساجدها رغم بساطة ناسها وأن معظمهم غير مسيسين ما يعنى أن الأمن كان قد بلغ قدرا من السيطرة على مقادير الأمور فى مصر لحدود قصوى جعلته يجرى فى عروق الناس وادمغتهم !
وهنا عرفت لماذا أجاب مبارك على أحد المذيعين الأمريكيين عندما سأله عن أركان حكمه وكيف يحكم ويسيطر على بلد بحجم مصر لسنوات . قال مبارك : ( عندى أجهزتى ) وقد صدق فهو لم يكن يعول على محبة الناس أو منحهم بعض الجزر وفقا لسياسة الترغيب أو جذب الناس ببعض ثمار التنمية وكان لا يعنيه إلا السيطرة الأمنية الكاملة كما فعل ( بسمارك ) و( ستالين ) و( وتشاوشيسكو) وغيرهم من عتاة المستبدين .وكان كلام أخر رئيس لوزرائه ( احمد نظيف ) و وزير استثماره ( محمود محيى الدين عن (تساقط ثمار النمو من أعلى لأسفل بمجرد تشبع المستوى الاعلى وان الفقراء سوف يجنون ثمار النمو لاحقا وما عليهم إلا الصبر ) كان كلاما فارغا لا يستحق الرد عليه وكان نوعا من الدجل السياسى والسفسطة والبلاغة اللفظية الجوفاء لأن كل تجارب الدول السلطوية اثبتت أن الصفوة الحاكمة ومن يدور فى فلكها لا تشبع أبدا ولا تترك فتاتا لاحد وإن استطاعت فإنها سوف تحتكر حتى الهواء الذى يتنفسه الناس !
عبد الناصر
نعم لقد كان عبد الناصر ديكتاتورا اطاح بكل معارضيه وزج بهم فى السجون وقص كل الرقاب المناوئة له ولم يسلم من بطشه لا الكتاب ولا القضاة ولا اساتذة الجامعات ولا حتى زملائه الذين شاركوه الإنقلاب العسكرى فى 23 يوليو 1952 ولكنه لبى ابسط حقوق الناس فى تعليم مجانى ووحدات صحية بالقرى وإنشاء قاعدة صناعية وسد عالى وحارب الاستعمار فى الجزائر واليمن وانحاز للفقراء بوضوح , امدهم بالمياه النقية والكهرباء والخدمات الرئيسية فغفرت له الغالبية وئده للحريات وقسوة نظامه الأمنى مقابل ما قدم من عطايا .
السادات
وكان السادات ديكتاتورا ايضا وسمى نفسه ( أخر الفراعنة ) ومشى على سياسة النظام الأمنى وتقريب اهل الثقة على أهل الخبرة مثل عبد الناصر إلا أنه حارب فى 1973 وأعاد تعمير مدن القناة وفتح قناة السويس للملاحة وعقد صلحا مع إسرائيل لإنهاء حالة الحرب المستمرة واسترداد أرضه فى سيناء وإن تحفظ البعض على بعض بنود هذا الصلح لكن الرجل فى النهاية اتخذ قرارات جريئة ومصيرية واستراتيجية وحافظ على حد معقول للأسعار، وكان يحاول تملق شعبه وان يبدو فى صورة رب العائلة المصرية بمفهوم الأب فى البيت الريفى والذى كان يهواه ويفضله على بريق المدينة .ولقد أتيح لى زيارة بيته الريفى فى قريته ( ميت أبو الكوم) فى المنوفية ليوم كامل فوجدته بيتا عاديا واثاثا عاديا ومن طابقين ويفتح على حمام سباحة صغير وحديقة مزروعة بالبرتقال . وكانت متعلقات الرجل بسيطة ومنه مفكرة بخط يده لأبرز أقوال الحكماء المصريين القدماء الذين اثروا فى وجدانه ولا ننسى أن الرجل كان قارئا وكاتبا وله نحو خمس مؤلفات ما بين تأريخ الثورة وعن عبد الناصر وبين القصص وتولى لفترة رئاسة جريدة ( الجمهورية ) التى كانت لسان حال الثورة بعد 1952 وهو الذى أذاع بصوته نبأ الثورة بما عرف عنه من فصاحة وحبه للخطابة . كما لا ننسى أن للرجل ماضيا وطنيا لا يغفل وانه صاحب تجارب حياتية عميقة جدا وعريضة جدا وما كتبه عنه الكاتب المحترم أحمد بهاء الدين فى ( حواراتي مع السادات ) وما كتبه الكاتب صاحب الاسلوب المتميز ( موسى صبرى ) والكاتب الحكاء المتميز ( أنيس منصور ) فيه الكفاية لمن يريد ان يعرف الرجل وثقافته وطريقة تفكيره وفهمه العميق للبشر وغلبة طبيعة الفنان والمبدع عليه وليست الطبيعة الدموية أو الثارية .
وقد قال لى عميد المعهد العالى للنقد الفنى سابقا الدكتور نبيل راغب والذى عمل مع السادات لسنوات كمستشار ثقافى عددا من القصص بإعجاب عن السادات الانسان والمثقف وقال إنه شارك وساعد فى صياغة قصة حياته والتى نشرها السادات فى حياته بعنوان ( البحث عن الذات ) .
وفى أحد اللقاءات مع الدكتور اسامة الباز وهو سياسى مخضرم عمل مع السادات ومبارك كمستشار سياسى سألناه عن الفارق بين السادات ومبارك وكان مبارك فى الحكم والباز قريبا منه فرد الباز بالحرف : (الرئيس السادات كان يعرف مصر مثل كف يده غرزة غرزة لدرجة لو كنا على سفر بالطريق كان يوقف الموكب لينزل ويسلم على صاحب قهوة صغيرة ومتواضعة وكانت عنده علاقات بمواطنين فى كل محافظات مصر ..أما الرئيس مبارك فيقود مصر بعقلية الطيار الذى يحسب حسابا دقيقا لكل شيء ) .
والظاهر من كلام الباز أن مبارك كان دقيقا ولكن ما فهمته انا من الكلام أن السادات كان هو الأفضل وكان واحدا من الناس اما مبارك فكان منعزلا عن الشعب وكان يدير مصر عن بعد ومن أعلى وكانت طبيعته من عند وغرور تجعله يتصور نفسه فوق البشر وايقن بغطرسته أن الأمن وحده كفيل بقيادة بلد فى حجم مصر وهذا قمة الغرور والغباء معا لأن الأمن فى النهاية ليس إلا ذراع من أذرعة (السلطة الخشنة) والأفضل لا بل الواجب أن تسبقه كل أذرع ( السلطة الناعمة ) من تنمية ورخاء وخدمات صحية وتعليمية ووعى ومشاركة حقيقية فى الحكم واتخاذ القرار وهى مجموع الأدوات التى تسمى فى الفكر العربى الإسلامى ( بالحكم الرشيد ) وتسمى فى الفكر الغربى ( بالحوكمة ) .
الكرامة كلمة السر للثورة
والدليل على كلامى أن ذراع مبارك الأمنية قطعت وانهارت فى أقل من 18 يوما ولم تستطع أن تصد موجات الغضب العارمة ولا أن تصمد أمام هتاف الصامتين الذين شعروا ان مبارك لا يحتكرهم ويذلهم ويستعذب مص دمائهم فقط بل وصل من السادية لدرجة احتقارهم وكأنهم شيئا منسيا . من هنا لم تخرج الملايين فى ميادين وشوارع مصر بسبب رغيف الخبز ولا الفقر فقد تعايش المصريون مع الفقر لقرون وانجبوا وفرحوا وبنوا ولكنهم ثاروا لكرامتهم التى سحقها مبارك عن عمد وإصرار وأصبحت الصورة كما لو ان لكل مواطن ثأراً شخصياً مع مبارك . وفى غمضة عين ذاب حزبه الوطنى الذى كان مأوى للصوص والانتهازيين والوصوليين . وبقيت القوة الوحيدة المتماسكة فى مصر هى القوات المسلحة التى هى جيش الشعب فانحازت للشعب عندما كان عليها أن تختار.
ما أريد ان أقوله إن كلمة السر للثورة المصرية كانت الكرامة المفقودة التى أذلها مبارك وتعمد الحط من شأن الجميع وتحقيرهم بدافع الغرور والعناد والغباء . لقد تعايش المصريون مع الفساد والرشوة والمحسوبية والاستبداد لقرون مثل كثير من أمم الأرض ولكن صورتهم الذهنية عن أنفسهم وعن بلدهم طمسها مبارك عامداً وكانوا يرون بلدهم تتهاوى للحضيض بسرعة الصاروخ فى كل المجالات من الأخلاق والقيم التى ضاعت أو تكاد إلى الاقتصاد والبحث العلمى وأبسط الحقوق فى خدمات أساسية تليق بالبشر من مياه نقية وطرق وكهرباء . وظهر للجميع أن مبارك لم يبن على ما بناه عبد الناصر ولكنه أيضاً أضاع ما بناه عبد الناصر . والمعروف أن حب المصريين لبلدهم يفوق الوصف بحق رغم كل انتقاداتهم للأوضاع الداخلية فى كل عصر . من هنا ثار المصريون بعدما جعل مبارك من الحياة عبأ وجحيما ولا أقول تساوت الحياة مع الموت بل أجزم أن الموت كان الخيار الأفضل عند كثير من الشباب والآباء والأمهات وما قصص الموت غرقا فى ( عبارات الموت ) و( مراكب الهجرة غير الشرعية ) و( القطارات المحترقة ) ببعيد . وعندى عشرات القصص والمآسي فى هذا الجانب لمواطنين بسطاء كان يستطيع مبارك الضحك عليهم ببعض الفتات ولكن حتى ذلك لم يفعله !
صبر المصريون عل مبارك ثلاثين عاما ولكنهم عندما غضبوا أزاحوه فى 18 يوما وأرغموا أنفه فى التراب وأذاقوه من نفس كأس الذل والإهانة التى طالما كان يذيقهم إياها .إنها الكرامة التى ثأرت لنفسها وصفعت الكذاب الذى قال يوم اعتلى عرش مصر (إن الكفن بلا جيوب وإنه لم يولد وفى فمه ملعقة من ذهب وإنه غير طامع فى السلطة ولن يبقى أكثر من فترة واحدة ) ثم كبس على صدورهم ثلاثة عقود وكان سيبقى لعقود أخرى وحول مصر لعزبة خاصة ولم يباشر دوره حتى كناظر عزبة حريص على سكانها وكسب رضاهم !
لقد وقف الكاتب والباحث السياسى الجاد الراحل (محمد السيد سعيد) فى لقاء مبارك بالكتاب على هامش افتتاحه الروتينى لمعرض القاهرة للكتاب وانتقد الفساد والأوضاع وقال له إنه أعد خطة للخروج من الدوامة التى تمر بها مصر وحاول ان يسلمها له فرد عليه مبارك بحدة وغيظ ( الورقة هذه تضعها فى جيبك انا لا أحتاجها ولعلمك انا افهم أكثر منك ) !
وفى مرة كتب ( عباس الطرابيلى ) فى صحيفة  ( الوفد ) مقالا عنوانه ( قنبلة فى كل بيت) عن الوضع فى مصر فأهانه مبارك فى لقاء أخر فى معرض الكتاب وقال له ( القنبلة فى بيتك انت ) !
هكذا كان تعامل مبارك مع الكتاب فما بالكم بتعامله مع عامة الشعب ومع وزرائه؟....لقد كان أقرب لقائد وحدة عسكرية منه لحاكم وكانت رؤيته لشعبه أنه ليس مجموعة من الجنود بل من الخدم والعبيد . ولهذا ركله المصريون وصفعوه فى مشهد لم يصنعه المصريون مع حاكم سابق لهم إلا الولاة الذين كان يعينهم السلطان العثمانى على مصر عندما كانت ولاية عثمانية .كان هؤلاء الولاة غرباء عن مصر وكان كلما اشتد ظلمهم هاج عليه علماء الأزهر وعامة الناس فيحاصرون قلعته ومقر حكمه فيضطر السلطان لعزله وتولية غيره لإرضاء الشعب . معنى ذلك أن مبارك صار فى وجدان المصريين شخصا غريبا عنهم ولا يمت لأرضهم بصلة .وليس أدل على ذلك أن أحد الهتافات الرئيسية فى ( ميدن التحرير ) كانت تقول : (إرحل يعنى إمشى ) وكان الثوار يتندرون قائلين ( كلموه بالعبرى لأنه لا يفهم العربية ) وكانوا يقولون إنه سوف يهرب على ( تل ابيب ) وطنه الأصلى وليست هناك سخرية لاذعة أكثر من ذلك تجاه حاكم حكم شعبا 30 سنة وليس لذلك من معنى غير معنى واحد هو انه كان فى نظر المصريين غريبا عنهم ومغتصبا للسلطة ولم يفلح يوما فى ربط جسر من جسور الثقة معهم .وكأنى بالمصريين الذين مجدوا (الظاهر بيبرس) فى سيرة شعبية حملت اسمه وهو السلطان المملوكى الغريب عنهم والذى جاء مصر عبدا من ( أوزبكستان ) الحالية يريدون أن يطووا صفحة مبارك من مصر وكأنها لم تكن .وأكد المصريون من جديد أنهم شعب جبار(صبر على جار السوء) كما تقول حكمتهم الشعبية المتوارثة وانتظروا أخره ثم لفظوه مثل قشرة لب مصيرها صندوق القمامة !
وفى الحلقة القادمة إن شاء الله استكمل معكم يوميات الثورة .
وسأكتب كلمة موجزة فى رحيل ( امين فخرى عبد النور ) الذى زرته فى بيته بالزمالك وعرفته وشقيقه (سعد ) وهما أبناء الوطنى المصرى القبطى الأصيل (فخرى عبد النور ) أحد رفقاء الزعيم سعد زغلول باشا مفجر ثورة المصريين فى 1919 ضد الاحتلال الإجليزى لمصر وذلك فى الصفحة الفرعية (رجال عرفتهم ) .فهى أسرة قبطية وطنية من (جرجا ) بصعيد مصر تستحق التكريم .              

الأحد، 23 ديسمبر 2012

ما بعد البركان


يوميات الثورة المصرية(1)
أقصد بالبركان هنا خلع مبارك وأركان نظامه المستبد الجبار . هذا النظام الذى لم يقف عند حدود الظلم وانتهاك حرمات المواطنين بل عمد لتجريف مصر من الرواد والخبرات والموهوبين وإقصاء أى فصيل أو فرد يشكل مجرد تهديد ولو كان كامنا لأعمدته وأذرعه التى اعتمدت على الامن ثم الامن ولا شيىء غير الأمن لدرجة أن تعيين فراش بمدرسة أو مسجد كان يخضع لموافقة جهاز أمن الدولة فما بالكم بتعيين معيد بالجامعة أو قاضى أو صحفى !
وبلغ من سيطرة مبارك على كل شيىء أنه صار يستهين بالمصريين ويحتقرهم علانية .والدليل الصارخ على ذلك يوم زور إرادة الشعب فى انتخابات مجلس الشعب فى 2010 تزويرا مفضوحا وعندما أخبروه ان المعارضة تنوى تكوين برلمان موازى قال جملته الشهيرة ( خليهم يتسلوا ) !
كان مبارك يؤمن بالأمن إيمانا كاملا ورغم أن السماء أرسلت إليه إشارات تلو إ شارات كى يصحو ضميره إلا أنه كان قد بلغ به الكبرياء حدا لم تعد تنفع معه الإشارات ولعل الصدمة الكبرى التى نزلت به يوم مات حفيده ( محمد علاء ) وظن الناس أن الرجل وقد ذاق الحزن وتجرع الالم مثل من مات اولادهم فى مراكب الهجرة غير الشرعية او فى حادث احتراق قطار الصعيد .. ظنوا ان الحاكم الذى كبس على قلوبهم ثلاثين عاما قد يتغير وقد ينزل من عرش الفرعون إلى مصاف البشر إلا انه خاب ظنهم فيه كما خاب ظنهم فى كل مرة توقعوا منه فيها عدلا او مروءة!
لقد جعله ( حبيب العادلى ) يسكن فى عقل كل مواطن بتجسسه على جميع القوى السياسية والاحزاب والكتاب والقضاة والمحامين والشيوخ والقساوسة . اكثر من هذا كان مبارك يتجسس على كل وزرائه وحاشيته ولم يكن يأمن لأحد ويقينى أنه كان قد أمن أن مصر ماتت ودفن جثتها وأنه لم يعد مطالبا بأن يتحمل عبء المسؤولية ولا حتى مجرد التفكير فيها .. فجوقة الإعلام تعزف لحنا واحدا ليل نهار عن حكمة الرئيس صاحب الضربة الجوية والارضية والبحرية والنووية وقل ما شئت من كلام لا يعنى شيئا غير ملء الوقت وقلب الحقائق . اما فى القضايا السياسية فقد ربط مبارك نفسه بأمريكا وإسرائيل رباطا أبديا ونفض يديه من كل ما عدا ذلك لدرجة أنه استراح فى ( شرم الشيخ ) اللهم عدا مقابلة ما كل فترة كنوع من ( الحركة فى المكان ) وتمثيل الدور المنوط به على خير وجه .وأحاط نفسه وولديه وزوجته بمجموعة منتقاة من رجال الأعمال فى تزاوج صارخ بين ( السلطة والثروة ) وهو أمر عده علماء المسلمين  ممن كتبوا فى نظم الحكم والولاية مفسدة ونهوا عن الجمع بين ( الإمارة والتجارة ) وأخر من تكلم فى ذلك ( ابن خلدون ) .
وبلغ اليأس بمعارضى مبارك حدا أصبحوا فيه فى غم وهم فالرجل لا يجدى معه دعاء عليه فى جوف الليل ولا محاولات لقتله، ونظامه يحظى برعاية أمريكية وأوربية ودولية لم تحظ بها سوى إسرائيل . وكنا نتندر عليه فى بيوتنا وفى الغرف المغلقة قائلين : ( إنه لا يمرض ولا يموت وإنه مريض بالصحة و إن القيامة ستقع وهو جالس على عرشه يسخر من الجميع بحركات من لسانه ) !
وكنا نتهكم بأن مصر قسمت على مقاس مبارك ولم يعد هناك أمل فى الطموح أو الترقى أو الأكل الحلال . وأن كل إنسان مخير بين أربعة خيارات .. إما ان يهاجر من مصر او يلتحق بالحزب الوطنى الحاكم او يعيش مثل الملايين صامتا مقهورا ( كافى خيره شره ) . وأبدع المصريون كعادتهم فى التنكيت بإطلاق عشرات النكات الساخرة على مبارك وعائلته المالكة الجديدة التى غلبت بطول السنين كل من حكموا مصر من عهد الفراعنة إلى عصر الملك فاروق أخر سلالة محمد على باشا التى حكمت مصر مائتى سنه !
ونجح مبارك فى القبض على مصر لسنوات لم يضاهيه فيها لا جمال عبد الناصر ولا السادات . لقد فاق سابقيه كلهم واصبح وكأنه قدر مكتوب نزل من السماء ولا ردله !
لذلك كله أطلقت على ما جرى فى 25 يناير 2011 وصف البركان فقد كان الامر فوق خيال اى مواطن مصرى وكان خلع مبارك كالمعجزة التى باركتها السماء رحمة بشعب مصر وبعدما بلغت الروح الحلقوم وظن الناس أنه لا رئيس بعد مبارك وانصرف بعض من فهموا نظامه لحال سبيلهم وانفضوا من حول إعلامه ومؤتمراته !
لقد راودتنى حقا فكرة الانضمام للحزب الوطنى الحاكم لا طمعا فى منصب أو غنيمة بل درأً للأذى أو التعرض بسوء وكان ذلك قمة اليأس عندى من ظهور أية بوادر للإصلاح أو التغيير ولكن تسارع الاحداث ودلالات بعضها الجازمة أكدت لى أن مصر لم تمت ومحال أن تموت وأن مخزون الغضب ونار الثأر عند المصريين قادرة ليس على خلع مبارك وحده بل كل أركان نظامه وأذرعه الأمنية . وظهر حجم مبارك الحقيقى أنه ليس أكبر من ( كنز استراتيجى لإسرائيل ) وصبى صغير فى ( لعبة الأمم ) وانه مثل كل من تعاقب على مصر من فراعنة ( استخف قومه فأطاعوه ) .وأنه فى مواجهة الخطر الحقيقى تضاءل لأصغر من فار خائف يحاول الهرب بجلده وانه لم يكن أسداً ولا ثعلباً فى يوم من الايام !
وفى الحلقة القادمة اتكلم عن مبارك الذى رأيته كواحد ممن حضر بعض مؤتمراته. وأتكلم عن عودة الوعى كما قال ( توفيق الحكيم ) او اللحظة الفارقة التى اكتشفت فيها حقيقة مبارك ونظامه الذى احتل مصر وقهر شعبها . واتكلم عمن أكون أو موقعى من الاحزاب والقوى السياسية وعن خلفيتى العائلية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية .وفى كل الاحوال انا لا اروى تاريخا بل مزيجا من الشخصى والعائلى والمهنى والعام . ولا اسرد سردا زمنيا فليس غايتى التوثيق التاريخى بل توثيق ما جرى ويجرى من زاويتى الخاصة . وعلى كل انا أرى ان ما جرى للان هو مجرد تغيير سياسى محدود فى قمة هرم السلطة فى مصر ولم يأت التغيير بعد على جميع أركان نظام مبارك ولا أليات عمله ولا انعكس التغيير على حياتنا بكل مناحيها .وقد تكون هذه طبائع بعد الثورات . وأحسب أن العجلة دارت ولن تعود إلى الخلف وما كنا نحلم أو يخطر ببال أكثرنا خيالا ان ينزل الديكتاتور مبارك عن عرشه وهو ما جرى فى مشهد اقرب للمعجزة والوحيد الذى رايته على يقين بان مبارك سيرحل لا محالة هو أخى الاوسط ولذلك قصة سأحكيها لاحقا . 

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

رسالة ترحيب

قرائى الأعزاء :-
بصدر رحب ومفتوح جعلت مدونتى واحة لكم لنناقش بعض أمور وأحداث جارية تخص موضوعات شتى فى الأدب والسياسية والاقتصاد والأمور العامة ، و أرجو من كل شخص له رأى معارض أو ناقد لما سأكتبه فليفيدنى فمن عارضنى أو انتقدنى بشكل بناء هو شخص جدير باحترامى لأنه يثير مخيلتى ويحفزنى للأداء بشكل أفضل
وقد حاولت من خلال أيميلى كسر الحاجز النفسى لدى الجميع باعتقادهم أن رقم 13 هو رقم يجلب الشؤم، لكنى أتفق مع استاذى العقاد الذى تفاءل برقم 13 وسكن فى عقار رقمه 13 ، لذا فأنا أعتقد أنها سنة الحظ والتفاؤل والانجازات الشخصية والعامة أرجو أن تكون لكم كماهى لى .
تحياتى /صلاح البيلى