كنت توقفت قبل يومين عند فيلم ( الكلمات ) أو
( the words)
ثم جاءت نهاية الأسبوع وفيه شاهدت فيلما رائعا أخر هو الفيلم المصرى ( قص ولزق)
للمبدعين شريف منير وحنان ترك وهوفيلم ذكرنى بفيلم ( الحب فوق هضبة الهرم ) للرائع
أحمد ذكى وأثار الحكيم وهو مأخوذ عن قصة لأديب نوبل نجيب محفوظ بنفس الإسم ولكن مع
تعقد المشاكل وتطورها عن الزمن الذى كتب فيه محفوظ قصته وإن بقى الجوهر واحدا عن
مشاكل الشباب لكسب العيش وتكوين أسرة بالزواج . ثم أعدت مشاهدة فيلم (أرض الخوف )
وهو فيلم رائع للفنان الساحر أحمد زكى .كما أعدت مشاهدة مسرحية ( سكة السلامة )
للفنان الرائع والملتزم محمد صبحى . أيضا انتهيت من قراءة بعض الصحف والمجلات
والكتب التى تراكمت على مدارالأسبوع الماضى . وأنا ممن يعشقون القراءة بنفس حبى
لمشاهدة أفلام السينما والمسرحيات الجادة . ولولا انى كاتب لكنت قضيت عمرى فى
القراءة فقط وبكل اللغات وفى كل المجالات وكلما قرأت شعرت بالمتعة وكم أنا لا أعرف
الكثير وكم هو جهلى !
المهم أعود لفيلم ( الكلمات ) وبه ثلاث قصص متعاقبة
ومتوازية بثلاثة شخصيات .. مؤلف كتب قصته وأضاعتها زوجته فضحى بها حزنا على كلماته
ومؤلف مغمور عثرعليها فصنع بنشرها ونسبتها إليه مجده الأدبى والمادى وومؤلف ثالث
كتب قصتهما معا .
الأول عاش مغموما طيلة حياته على فقد قصته
وزوجته والثانى بدأت معاناته يوم التقى الأول وحدثت بينهما اللحظة الكاشفة لمشاعر
الجميع . فأنت قد تنجح فى خداع البعض ولكن ماذا ستقول لمن بنيت مجدك على أكتافه ومن
دمه ؟!.. والثالث بهرت قصته عن الأول والثانى المجتمع الأدبى ولكنه كان يعيش
انفصاما بين الواقع والخيال وكان ممزقا وهشا من داخله ولا يعرف كيف يستمتع بكل ما
هو فيه وعندما واجهته شابة حسناء صغيرة بماضيه وحاضرة خر ساقطا أمام جراته
وصراحتها .
ومأزق الشخصية الأولى يهون فهو أضاع عمره سدى
ولم يعد من عمره ما يصنع به طموحا أو مستقبلا فمستقبله فى ماضيه وهو أسير ذلك
الماضى الحزين والمؤلم .والشخصية الثالثة مأزقها هين فهو سرعان ما سيمضى فى طريقة
ولن تعترضه كل يوم شابة حسناء تفكره بماضيه أو تكشف عنه ورقة التوت التى تغطيه .
أما الشخصية الثانية فهى الموعودة بالعذاب لأنه أصبح يحتقر نفسه كلص سرق كلمات
غيره وأصبح فى قرارة نفسه يوقن أنه لا يستحق ما ناله من مجد وشهرة ومال . إنه يعيش
مشاعر المغتصب لفتاه أو لشيء ليس له . وزادت مشاعره تعقيدا بلقاء صاحب النص الأصلى
ومعاينة مأساته . وهنا حاول أن ينتزع منه اعترافا أو صكا بالغفران أو تسامحا نحوة
لعله تشفى نفسه وتزول المرارة التى علقت بروحة .وهو سعى أراه بلا فائدة ورغم
إصراره على انتزاع هذا الإعتراف بكل المغريات فإن الرجل الأول لا يملك منحه إياه
إذ كيف يتنازل عن حياته وأفراحه وأحزانه لأخر .إنها ذكرياته هو ومشاعره هو ولا
يملك التنازل عنها وكل ما استطاع تقديمه للمؤلف الشاب الذى سرق قصته أن قال له أن
يسير لحال سبيله وأن ينساه ولا يلتفت إليه وان يتركه بماضيه وفى ماضيه . ولكن
المؤلف الشاب لا يستطيع . لقد توقفت حياته وأصبح كالمغتصب الذى يرجو فتاة عذراء
اغتصبها أن تسامحه وتغفر له عدوانه البشع عليها وهى لا تستطيع وهو لا يستطيع أن
يمضى خطوة إلى الإمام
وهكذا سيظل فى دوامة من التيه والحيرة
والشعور العميق بالذنب والعاروهكذا ينتهى الفيلم وشخصياته الثلاثة مأزومة وضائعه
ووحائرة وكأنها وجدت نفسها فى صحراء مترامية الأطراف فلا المجد ولا المال ولا
الشهرة قادرة على شفاء الروح أو غسل اوساخ الضمير . وهكذا كتب القدر مصائر
الشخصيات الثلاثة ولا رد لقلمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق