الأربعاء، 8 مايو 2013

هل أفرز الربيع العربى أدبا وفنا ثوريا ؟


هل أفرز الربيع العربى أدبا وفنا ثوريا ؟
جلال أمين: عشنا سنوات من القحط وشتاء قاسياً طويلاً وعلينا انتظار شروق الشمس
الموجي الصغير: افن الآن كسيح وأشفق عليه من التيارات الدينية وأغاني الثورة وقتية ولن تعيش
بكر: الثورة أفرزت مطالب ولم تفرز أدباً ولا فناً و«الجرافيتي» انحصر في أعمال دعائية، وكلنا مستهدفون بصناعة الكذب
قاسم: المولود الثوري عمره صغير وأخشي أن نفشل في تأريخه كما فشلنا مع حرب أكتوبر 73
جابر: باستثناء الأبنودي ونجم والقليل.. كل ما ظهر الآن «سبوبة» دعائية لأصحابها
الجيار: لم تولد إبداعات جديدة فعاد الشباب لتراثه القديم
شعبان يوسف: الأدب والفن الحقيقي سينضج علي نار هادئة
مراد: كيف أكتب عن أرض تتحرك وظاهرة لم تكتمل؟!
فن الرسم «الجرافيتي» أحد إبداعات الثورة.. وازدهار واسع لميديا الإعلام البديل من مدونات ويوتيوب وفيس وتويتر
تقرير- صلاح البيلي
هل أفرزت ثورات الربيع العربي أدباً وفناً ثورياً؟.. وهل جاء ما أفرزته علي مستوي الحدث الكبير الذي قلما يتكرر في عمر الشعوب إلا بعد عقود؟.. وهل تقييم المنتج الجديد في صالحه كأدب وفني قادر علي الخلود وتحدي الزمن أم كان أدباً وفناً لحظياً وعابراً ووقتياً لم يرقي لمستوي الثورة؟
سؤال كبير تتصدي له «الوطن العربي» بعد مرور أكثر من عامين علي اندلاع ثورات الربيع العربي، احتاج منا رصد لأبرز الإبداعات، وملاحقة ما أخرجته المطابع والحناجر، ثم ذهبنا للنقاد للتقييم الأدبي والفني.
الحق إن كتابات صدرت وأغاني لحنت ولكنها بالمجمل في رأي النقاد لم ترقْ بعد لمستوي الحدث ولم تتفاعل بالشكل الموضوعي معه وجاءت متعجلة وغير ناضجة ووقتية، ويراهن الكثيرون أن السنوات المقبلة ستنضج أدباً وفناً بعد اكتمال ظاهرة الثورة إن نجاحاً أو فشلاً، وبالتالي سيأتي المولود مفعماً بالأمل أو يائساً محبطاً بعد قتل الأحلام واغتيال التوقعات، وإلي التفاصيل.
علي ذمة التحرير
علي ذمة التحرير، ديوان شعر صدر للشابة فاطمة المرسي ضم 23 قصيدة وهو الثالث لها ورصدت فيه بالعامية تجربتها مع الثورة ورد فعلها عليها، كما رصدت حالة الخوف المصري والعربي بعد الثورات وعلي المستقبل الذي لم تتضح معالمه بعد.
150 يوماً
أما الكاتب الصحفي أسامة هيكل فكتب تجربته مع الثورة وفي وزارة الإعلام في كتابه: «150 يوماً في تاريخ مصر» كشف فيه كواليس الوزارة وقربه من دوائر الحكم والسلطة خلال الفترة الانتقالية إبان حكم «المجلس العسكري» ولا يزعم أنه يقول كل الحقيقة ولذلك يقول إنه كتب بعض الحقيقة مما عاشه وكان شريكاً فيه ويعترف بوجود وجوه أخري للحقيقة لم يكن مشاركاً فيها ولا مطلعاً عليها لذلك لم يكتب عنها.
مستقبل الثقافة العلمية
ويصدر د. محمد زكي عويس كتابه بعنوان: «ثورة مصر ومستقبل الثقافة العلمية» محاولاً فيه الربط بين الثورة كحدث كبير جداً وبين ضرورة التغيير في الثقافة العلمية في مصر وفي عالمنا العربي.
ومن الإبداعات الأخري التي ظهرت بعد الثورة: «يوميات ثورة الغُل» للدكتور نادر فرجاني، والثلاثية الشعرية «إنجيل الثورة وقرآنها» للشاعر حسن طلب.. وكان طلب هو الشاعر الوحيد الذي نشر قصيدة علي صفحة كاملة في «الدستور» ضد مبارك سنة 2005 عندما نجح بالتزوير في الانتخابات الرئاسية وقال كلمة الحق عندما صممتت النخبة أو تواطأت مع السلطة الحاكمة آنذاك.
كذلك من إفرازات الثورة كتاب: «جمهورية عساكر + ثورة الكبش» لوحيد حامد و«ثورة علي ضفاف النيل» لمحسن جودة وهو كتاب توثيقي بالصورة الفوتوغرافية، و«أرض أرض.. حكاية ثورة الجرافيتي» لشريف عبدالمجيد، و«7 أيام بالتحرير» لهشام الخشن، وديوان للأطفال بالرسومات لفوزية الأشعل عنوانه: «يعني إيه ثورة وطن»، وديوان: «ارفع رأسك عالية» لحلمي سالم.
وخصصت هيئة قصور الثقافة المصرية سلسلة جديدة باسم: «إبداعات الثورة» صدر منها: «ما تبقي من بدايات بعيدة» لمحسن يونس و«باب العزيزية» لمحمد جبريل.
وصدر لأحمد زغلول الشيطي «علي بُعد مائة خطوة» وللروائي إبراهيم عبدالمجيد «لكل أرض ميلاد»، وصدر لسعد القرش كتابه عن المتحولين الذين غيروا مواقفهم وكتاباتهم بمجرد اندلاع الثورة وغيروا جلودهم للتجاوب مع الواقع الجديد.
ازدهار المدونات
وكما كانت هناك 168 مدونة علي الإنترنت قبل الثورة في مصر وحدها فإن التدوين شهد طفرة كبيرة من قبل الشباب والشابات لتسجيل يومياتهم عن الثورة والأحداث السياسية المتلاحقة والسريعة التي تشهدها دول الربيع العربي، وكانت د. فاطمة الزهراء إبراهيم قد أعدت رسالة دكتوراه عن المدونات بالجامعة الأميركية بالقاهرة، واللافت أن المدونات غير السياسية أصبحت بحكم سطوة الواقع والتغيير الكبير تميل للكتابة السياسية وأصبحت السياسة هي الزاد والشراب اليومي للمدونين.
كذلك انتشرت تغريدات التويتر للشباب وعلي «فيس بوك» وللتجاوب مع الشباب أصبح غالبية مشاهير السياسة والإعلام والأدباء والفنانين يلجأون لصفحات «فيس بوك» و«تويتر» للتعبير عن آرائهم السياسية وهو اتجاه يتعاظم يوماً بعد يوم ويشكل ظاهرة جديدة من الإعلام الإلكتروني أو الإعلام البديل للإعلام الرسمي الحكومي أو الخاص، وتحولت هذه الصفحات لمواقع إلكترونية تقوم بإرسال الأخبار والرسوم الثورية والشبابية ومقاطع الفيديو، وكما كانت صفحة «كلنا خالد سعيد» علي «فيس بوك» أحد محركات الثورة في مصر بين الشباب ظهرت صفحات جديدة للشباب تدعو للمظاهرات وترفض كل أشكال الوصاية والرقابة وهو نمط جديد من الإبداع العصري المتجاوز للمكان وكل مكان، وإذا كان لا يدخل في فن الأدب فإنه علي الأقل يدخل في باب اليوميات الآنية وقيمته الحقيقية في كونه سيعتبر خير توثيق ليوميات الثورة وما بعدها دون حذف أو تلوين أو إضافة، فهو نوع من التعبير المباشر والحر وغير المحدود بسقف سياسي أو رقابي أو مكاني وفي الوقت نفسه فاضح للمسكوت عنه في الإعلام الرسمي أو الرواية الرسمية للأحداث.
نجم وورد الجناين
وكما كان الشاعر أحمد فؤاد نجم «الفاجومي» لسان حال الشباب الثائر بعد هزيمة يونيو «حزيران» 1967 هو وتوأمه الملحن والمغني الراحل الشيخ إمام عيسي، عاد نجم ليتصدر المشهد الثوري بقصائده خاصة «ورد الجناين» عندما وصف شباب الثورة بأنهم «الورد اللي فتح في جناين مصر».. وكان نجم أبدع قصيدة: «رجعوا التلامذة يا عم حمزة» فتغني بها جيل ما بعد الثورة وكذلك جيل الشباب الثائر بميدان التحرير في 2011 وما بعدها وفيها يقول: «رجعوا التلامذة يا عم حمزة، للجد تاني، مصر إنتي اللي باقيت وإنت، قطف الأماني، لا كورة نفعت، ولا أونطة، ولا المناقشة وجدل بيزنطة، ولا الصحافة، والصفجية، شاغلين شبابنا عن القضية، قيمولنا صهبة، يا صهجية، ودوقنا طعم الأغاني، رجعوا التلامذة للجد تاني، طلعوا التلامذة ورد الجناين».
الأبنودي والميدان
أيضاً كان الأبنودي المقيم بالإسماعيلية لظروفه الصحية هو فرس السباق الثاني مع نجم وتناغم مع الشباب الثائر وأبدع قصيدته «ميدان التحرير» التي يصف فيها عصر مبارك بأنه «عصر العواجيز» وقال بأعلي صوته: «إرحلي يا دولة العواجيز» وأثبت أن شعر العامية قادر علي التجاوب السريع مع الأحداث الكبري للأمة وضم القصيدة ديوانه الجديد «الميدان».
ثورة مصر الكبري
ثورة مصر الكبري، هو كتاب للمؤلف إيهاب عمر سجل فيه أحداث ميدان التحرير يوماً بيوم، ويقول إن الثورة بدأت يوم 22 يناير «كانون الثاني» 2011  في السويس قبل أن تنتقل للقاهرة بمناسبة «عيد الشرطة» يوم 25 يناير «كانون الثاني» ويؤكد أنه أسرع بتسجيل الحدث قبل أن يتلون ويصبح له أكثر من وجه، حيث ظهرت رواية إخوانية وسلفية وليبرالية للثورة وللأحداث وكادت الحقيقة تتوه لذلك كان تدوين الحقائق المجردة مهمة سريعة للتاريخ لأن المتابع في كل عصر أن لدينا تاريخاً رسمياً وتاريخاً آخر موازياً لكل حدث أو قصة!
ومع اعترافه بأن «فزاعة الإخوان المسلمين» سقطت بالثورة ونزولهم للميدان إلا أن الفزاعات عادت للعمل بشدة وحرب الدعاية السوداء والمعلومات والكذب عادت لتضرب استقرار مصر ورهان الأعداء دائماً هو نشر الفوضي في البلاد التي شهدت «الربيع العربي».. مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية، أي أن القوي المعادية تعمل علي تحويل معطيات الثورة ونتائجها من عناصر إيجابية إلي عناصر فوضوية وهذا هو التحدي الراهن لكل دول الربيع العربي.
المغني خانة
فنياً ظهرت فرقة شبابية باسم «المغني خانة» بدأت سنة 2004 عندما اجتمع ثلاثة شباب هم «نور جمال- شاعر، ومحمد فايد - إيقاع، وناشد الإنصاري - ملحن ومغني» وفي أحد المقاهي الصغيرة بدأوا يغنون ألحانهم وبدأوا بأغاني فلكورية ثم اتجهوا للأغاني الشعبية والثورية وعرفت طريقها لساقية الصاوي والمراكز الثقافية ومسرح الجنينة والمشاركة بالمهرجانات غير الهادفة للربح وبيت السناري ومركز سعد زغلول الثقافي، ورغم المشاكل المادية وعدم وجود مسرح ثابت إلا أن الفرقة توسعت وصمدت وتصر علي تقديم فنها وكلها من الشباب بسن بين 25-19 سنة، إنهم ليسوا خريجين لكليات فنية متخصصة ولكنهم يمثلون الفن المستقل المضاد للبيروقراطية، ومن الكلمات التي يتغنون بها: «غني غنايا بصوت عالي، طلع سوادك في كلامك، قالوا الكلام زاد دو مسكر، وأنا قلبي عطشان، للحظة طيش، وإياك تعيش عمرك تصبر، وإياك تموت من كتر العيش».
وسط البلد
أما فرقة «وسط البلد» فهي فرقة قديمة نسبياً والمشهور منها الفنان والعازف هاني عادل، وهي فرقة بدأت بأغاني شبابية خفيفة ثم غنت للثورة ونزلت الميدان وتحالفت مع مطالب الشباب في التغيير، وكأنها كانت الفتح المبين لسواها من الفرق الشبابية فظهرت فرق شبابية أخري مثل «إسكندريلا» و«كاريوكي» ويقول أمير عبدالحميد من «كاريوكي» إنهم سببب الظروف الأمنية القلقة والخوف من بعض التيارات الدينية صاروا يقدمون حفلاتهم داخل بيوت أصدقائهم، وهو الموقف الذي التزمت به فرقة «إسكندريلا» أيضاً وغيرها، حيث يؤكد حازم شاهين أحد أعضاءها أنهم يقيمون حفلاتهم الغنائية في بيوت الأصدقاء ويدعون الأصدقاء والمعارف إليها، ويقول إن مثل هذه «الحفلات البيتي» كانت موجودة من زمان من أيام عبده الحامولي وصالح عبدالحي ومنيرة المهدية وأم كلثوم وعبدالوهاب، ومع انتشار وسائل الإعلام الاجتماعي الجديدة أصبح من السهل تحميل الحفلات علي اليوتيوب وفيس بوك وتويتر كي يتفاعل معها الجمهور من الشباب.
حمزة نمرة
وواكب الربيع العربي صوت جديد بكلمات جديدة للمغني الشاب حمزة نمرة فجاء صوتاً جديداً دون زعيق وهتاف للحناجر، ولكن ما يمكن وصفه «بالقوة الرقيقة» وانتشرت أغانيه علي المواقع وتناقلها الشباب دون أن يظهر ولو لمرة واحدة علي فضائية رسمية أو بصحيفة حكومية!
ونبقي مع الفن الغنائي ونرصد أغاني لآمال ماهر ومحمد منير واكبت الثورة وكذلك لعمرو دياب الذي عمد لتحسين صورته بعدما ارتبط اسمه بالنظام القديم، ولكن مجمل الأغاني تبقي إما دعائية أو وقتية ولا ترقي للأغاني التي واكبت وتلت ثورة 1952.
كذلك يبدأون نغمة الأفلام الجديدة بدأت بالتغيير كما ارتفع سقف الحرية وبدأ المؤلفون يقتحمون مجالات جديدة تميل للجدلية بعد سنوات من أفلام «هلس» وكوميديا هز البطن وتسفيه العقول.
شعبان يوسف: ليس بعد
الشاعر شعبان يوسف رئيس تحرير سلسلة «كتابات جديدة» بهيئة الكتاب يري أن الربيع العربي لم يفرز أدباً ولا فناً حقيقياً بعد لأن طبيعة الأدب والفن أن ينضج علي نار هادئة ولا يكون سريعاً أو متعجلاً، وإن كانت ظهرت كتابات شعرية جيدة للأبنودي ونجم وغيرهما، ولكنها كتابات وإن كانت جيدة لا تغطي كل صورة المشهد أو الانفجار الكبير الذي جري وأتوقع أن تشهد السنوات المقبلة ظهور كتابات روائية قيمة توثق للثورة وتحللها وهذا يحتاج لبعض الوقت للتخمر.
مراد: الأرض متحركة
ويتفق مع الرأي السابق الروائي الشاب أحمد مراد الذي يقول: كتبت «فيرتيجو وتراب الماس والفيل الأزرق» قبل الثورة، أما أحداث الثورة فلا أستطيع الكتابة عنها الآن، لأن الأرض ما زالت متحركة والموقد يغلي بالفوران فكيف أكتب عن أرض متحركة، إن الأحداث تتلاحق بسرعة والمواقف تتغير والآراء تتبدل ولا زلنا في خضم حدث الثورة ومن هنا لا أستطيع أن أكتب عن ظاهرة لم تكتمل بعد، وقد يكون ذلك يوماً ما ولكن ليس الآن.
الجيار: عدنا للتراث
الناقد الأدبي د. مدحت الجيار رئيس قسم اللغة العربية بآداب الزقازيق يري أن الثورة لم تقدم أدبها ولا فنها بعد ويتفق مع ما سبق أن هذا سيظهر لاحقاً، ويقول إن أكبر دليل علي أن الثورة لم تقدم فنها الخاص أن الشباب عادوا للأغاني القديمة للأجيال السابقة من أول «بلادي بلادي» لسيد درويش حتي أغاني نجم وعبدالحليم أي عاد الشباب للتراث لاستلهامه من جديد، لأن واقعهم لم يفرز صوته الخاص بعد.
الزارع: ظهر الجرافيتي
علي عكس ما سبق يري الشاعر عبده الزراع أن الثورة أفرزت فن «الجرافيتي» للرسم علي الجدران، كما أفرزت عشرات الأصوات ولكنها بالأقاليم ومن موقعه كمسؤول عن الثقافة الجماهيرية بإقليم شمال الصعيد يري أن هناك عشرات الأصوات الأدبية في الشعر والقصة بنوادي الأدب، ولكن في الأقاليم البعيدة عن القاهرة وأنها ستنضج لاحقاً لتشكل تيار عام.
جابر: سبوبة
القاص محمد جابر يتفق مع القائلين بأن الربيع العربي لم يفرز فناً ولا أدباً ضخماً، ويقول: ما أفرزه الربيع العربي للآن في أكثره «سبوبة»، حيث قام بعض المثقفين والإعلاميين بتسجيل يومياتهم ونشروها دون موضوعية أو تحليل عميق للحدث، طبعاً نجم والأبنودي شاعران كبيران ومن عمالقة شعر العامية بالعصر الحديث، وللآن تبكيني قصيدة «يا مِنة» للأبنودي عندما أقرأها، وكذلك «بلدي وحبيبتي» لنجم وفيها يقول: «انطلق في الجو فجأة، صوت مفاجأة، صوت يخلي الدم يجمد، اصحي يا أحمد، وانتهي الحلم الجميل، وابتدا الهم التقيل» وهي قصيدة أراها تنطبق علي واقعنا الراهن بمعني أن أحلام الثورة وتوقعاتها وآمالها ماتت وبدأ الهم الثقيل.
وعن نفسي نشرت قصة: «وكأن العالم تخلي عنها» بصحيفة «القاهرة» وأهديتها لشهداء الثورة، وقبل الثورة كتبت في «المساء» مقال: «الانفجار الكبير» تنبأت فيه بالثورة من خلال إبداعات سعد وهبة ومحمود دياب ومحمد جبريل، ولا أزعم «عنترية» ولكن أري ما يقدم «سبوبة» والمثقوفن والنخبة انتشرت بالفضائيات وغالبيتهم ابتعدوا عن الموضوعية ولديهم شهوة في الكلام رهيبة دون تفاعل مع واقعنا المتدهور ولا السقوط الذي وصلنا إليه بل يستثمرونه لأنفسهم.
قاسم: المولود صغير
الناقد الأدبي والفني محمود قاسم يري أن المشهد الثوري من تضحيات وشهداء جعلت الناس تتصور أنها صنعت أهم ثورة بالعالم لدرجة أن «أوباما» قال إن العالم لم يتعلم من المصريين ثم اتضح للناس أن البالون انفجر كذباً ودون ثمرة حقيقية، كما أن المولود الثوري عمره عامين فقط وهو عمر صغير ومحدود، ولذلك فالتجارب أغلبها متبور وغير موضوعية لأننا لا نستطيع أن نقرأ رواية كتبت بحماس وانفعال، مثلاً كتب محمد العون رواية: «ميدان التحرير» وهي يوميات تشبه صحيفة صدرت بالأمس وعن نفسي كتبت رواية اسمها «الفوضي» وبعد أن استغرقت فيها وجدتها ساخنة جداً فتوقفت عن استكمالها، نفس الأمر في الأفلام والأغاني التي أعقبت الثورة وتمحكت بها ظهرت «ملخبطة» وغير ناضجة ومتبورة، وأخشي أن نعجز عن تقديم فيلم ضخم يؤرخ للثورة، كما فشلنا في تجسيد حرب أكتوبر 73 في فيلم قوي.. وألاحظ أن أحداثنا تبدأ قوية جداً ثم تنتهي صغيرة فحرب أكتوبر بدأت قوية وانتهت بالثغرة والثورة بدأت عملاقة وانتهت إلي ما نحن فيه وعليه أري أننا لا نصنع نصراً كاملاً ولا ثورة كاملة ونفشل في استكمال ما بدأناه كما نفشل في النهايات أو التشطيب.
بكر: صناعة الكذب
المخرج الفني والمؤلف وخبير الإعلام الإلكتروني ياسر بكر يري أن الثورة أفرزت مطالب ولم تفرز أدباً ولا فناً ذي قيمة كما لم تفرز قادة، ويقول: حاولوا صناعة نم للثورة مثل وائل غنيم وفشلوا فجاءوا بالفصيل المنظم الجاهز ذي الصورة الذهينة الإيجابية كمقدنيين وهم «الإخوان المسلمين» وهم خرجوا للثور وكل التيارات الإسلامية كي تحرق للأبد، أما الثورة فلم تفرز غير أعمال دعائية لبعض الهواة الذين لا يتعمقون داخل الظاهرة ولا تداعياتها ولكنها قدمت شكلاً من أشكال الإعلام البديل مثل «الرسم الجرافيتي» وهي رسومات دون المستوي الفني يقوم بها بعض الهواة وعندما رأيتها وجدتها تناثر لوني دون إحساس أو مخاطبة للآخر بالرؤية البصرية التي هي أساس علم الجرافيتي وليس أدل علي ذلك من التلوث علي جدران المؤسسات والعشوائية في الرسم، وهذه النوعية من الرسم كانت موجودة من زمان بالرسم علي جدران الزائر لبيت الله الحرام برسم الجمل والكعبة وبعض الجمل مثل «حج مبرور وذنب مغفور».
أما التغيير الحقيقي الذي حدث برأيي فهو اختراق الشباب للمجتمع من أسفله أو ما يطلق عليه «التغيير الجيلي» بإبداعاتهم وكتاباتهم وثورتهم العنيفة التلقائية وأري أننا نتجه للفوضي وكل دول الربيع العربي مستهدفة ليل نهار بصناعة الكذب وحرب المعلومات وهو ما رصدته في كتابي الجديد: «صناعة الكذب.. دراسة في أشهر القصص الخبرية المفبركة بالصحافة المصرية»، وبالمجمل الثورة لم تسفر عن دراسة معمقة ولا ثمار حقيقية، بل فوضي متوحشة بالشارع مع ترسيخ الإحساس بالدونية والهزيمة قبل أن تبدأ المعركة والوقيعة بين عناصر الأمة من مدنيين وعسكريين وشرطة ومسلمين وأقباط لتفتيت الشعب الواحد.
قتل الحلم
اجتماعياً تري الباحثة الاجتماعية بجامعة عين شمس وسام السري وصاحبة مدونة: «بس ورحنا عملنا ثورة» والتي شاركت بميدان التحرير أيام الثورة، تري أن المدونات التي كانت محفزاً علي الثورة لم يعد لها بريق ما قبل الثورة، وتقول: القهر السياسي كان ينتج أدباً وفناً حتي لو كان رمزياً مثل «شيء من الخوف» و«الزوجة الثانية» و«ثرثرة فوق النيل» في السينيات، كذلك ظهرت مدونة «عايزة أتجوز» كنتاج للقهر الاجتماعي والسياسي في عصر مبارك، أما الآن فقد وصلنا للفشل السياسي بعد ارتفاع سقف التوقعات لأقصي مدي، وهذا الفشل لا يحفز علي الإبداع بل يقتل الكلمة والرمز والمعني ولذلك كان البديل انتشار العنف في المواصلات وفي المجتمع.. لقد صبر المجتمع تحت حكم الاستعمار فالملكية والعسكر ثم ظن أنه تحرر فوجد نفسه لم يصنع شيئاً فكانت السطحية في أي شيء وتوارت الأصوات الجميلة في الإبداع الأدبي والفني ونعيش حالة خواء ثقافي وفني كما وصف «وليم إدواردلين» المصريين أيام الاستعمار البريطاني لمصر، أي عادي المواطن ليشرب كوب الشاي من الصباح للعصر!
كان المواطن في زمن القهر يعبر عن ضغوطه بإبداع رمزي، أما في زمن الفشل فلا إبداع ولا معني بل عنف وتدمير والتحول لجثة هامدة في الفضاء والثورة لأتفه الأسباب وكأن الناس استسلمت لواقعها الميت، ونفس هذا الشعب هو الذي كان بالميدان ورأيت أخلاق ميدان التحرير من تعاطف وتقاسم الخبز والماء وحماية البنات، ونفس الشعب هو الآن بعدما يئس وأحبط تحولت ثورة من «ثورة الساجدين» - عندما وصفوه يصلي بالميدان وكأنه في حرم الكعبة - إلي قتل الأحلام وأخطر شيء يتم الآن هو استبدال منظومة القيم وتفريغ الشخصية من محتواها الإيجابي المتسامح الطيب ليحل محله العنف والتمدير والحقد ولا أحد يتحمل الآخر وكأن كل واحد يريد أن يحيا وحده، وانتشر التخوين والتشكيك في كل شيء وهذا ظرف زمني لا يمكن الإبداع فيه.
فاروق الباز: ثورتنا كالبركان
للجولوجي المصري المقيم في أميركا العالم د. فاروق الباز وصفاً يتناسب مع تخصصه للثورة المصرية وغيرها من ثورات الربيع العربي إذ يقول إنها مثل البركان وإن ما تشهده مصر وتونس واليمن هي توابع صغيرة له وفي كل الأحوال لن تعود الأرض كما كانت قبل الثورة، لقد كانت مصر وغيرها قد وصلت لحفرة عميقة من اليأس والإحباط وهي الآن تولد من جديد وتقف علي أعتاب أول خطوة للتقدم، وكما كان الشباب هم وقود الثورة فيجب علينا تشجيع مبادرات الشباب بالأدب والثقافة والفنون والرياضة، والتركيز علي العلم والبحث العلمي في كل مجالات حياتنا لا الفهلوة، ولا خوف من «الثورة المضادة» لأنها مجرد ذبذبات صغيرة أو توابع صغيرة للزلزال وستتلاشي تدريجياً.
ويضيف: أنا مطمئن بنسبة %100 بنتائج الثورة وبالربيع العربي بدون شك، وأولي النتائج عودة الأمل وعودة الشباب للسياسة والعمل علام وعن نفسي الثورة المصرية جعلتني أفتخر بمصريتي ولكن آثارها الإيجابية علي كل مناحي الحياة ستأخذ وقتاً كذلك علي الفن والأدب ولكن بلا شك لن تعود عجلة الزمن للوراء أبداً.
الموجي الصغير: الفن كسيح
ويري الملحن الموجي الصغير أن الوقت ليس وقت إبداع ولا فن ويقول: كيف أمسك بالعود لأصنع لحناً وأنا أسمع طلقات الرصاص من بيتي في وسط القاهرة تحديداً بشارع الشواربي الذي كان أحد معالم القاهرة، وكيف أخلو بنفسي ومشاهد الجثث والدماء والجريمة من حولي في كل مكان، إنني أشفق علي الفن لأنه لا يستطيع أن ينمو في هذا الجو بل لو ظهر سيكون كسيحاً، ثم كيف يبدع المبدع وعلي رقبته سيف من التيارات الدينية المتربصة به، إنني شاهدت فيلم «نهر الحب» فوجدتهم قطعوا كل مشاهد القبلات بين فاتن حمامة وعمر الشريف.. وبذلك لن نقدم فناً بل سنقدم الفن الرديء أو الخالي من الدسم، لقد غني عبدالحليم للثورة وكان صادقاً وعاشت أغانيه للآن وما بعد، أما الأغاني التي ظهرت للآن فهي دعائية سريعة لن تعيش بل وقتية هدفها ركوب الحدث واستثماره ولذلك لن يكتب لها الخلود وهذا مرتبط بغياب مدرسة الغناء الأصيل وهي قصة طويلة من المآسي.
جلال أمين: ما بعد القحط
ختاماً يري د. جلال أمين صاحب كتاب «ماذا حدث للمصريين» أن ثورة 25 يناير «كانون الثاني» 2011 في مصر حتماً ستقدم أدباً كما قدمت ثورة 1952 أدباء مثل يوسف إدريس ونعمان عاشور وصلاح عبدالصبور وعبدالحليم والموجي وكمال الطويل في الغناء وأحمد بهاء الدين في الصحافة، ويقول: إن التركيب الطبقي الجديد لم يتبلور بعد لينعكس في الزدب والفن، فقد عشنا لسنوات في خواء تام وشتاء طويل وقاسي وسنوات من القحط في الإبداع وحتماً ستظهر مواهب للتعبير عن التغيير الحاصل ولكنها الآن مجدر براعم جديدة إن تكلمت ستعبر عن نفسها بذاتية وغير موضوعية وبتعجل، وعليه لابد من انتظار شروق الشمس وإن طالت.
نشرت المقالة فى عدد مايو 2013 من مجلة ( الوطن العربى ) 

الاثنين، 8 أبريل 2013

مابعد البركان – يوميات الثورة المصرية (9)



بداية لدى عدة أخبار سعيدة أولها انى تم تحريرى من مسؤولية مجلة خاصة كنت رئيسا لتحريرها لفترة من الوقت وقد تندهشون لذلك ولكنها الحقيقة لأننى ممن إذا تولوا مسؤلية أخلصوا لها وأفنوا فيها أيامهم ويكون ذلك على حساب أشياء أخرى ولأننى لم أتعود الهروب من المسؤولية فقد تصديت لها بشجاعة وتفان على حساب صحتى وبيتى وإبداعى الخاص وهواياتى التى أحبها ولأننى لست من هواة المنظرة ولست من جامعى المليون جنيه وليس فى طموحى غير ان أعيش مستورا وراضيا وقانعا فإننى استقبلت خبر الإقالة بترحاب داخلى عميق دون معرفة الأسباب أو إنهاك عقلى فى ظروفه .
وبذلك أصدقائى قد يكون لدى وقت لممارسة هواية صيد السمك التى أحبها وممارسة الرياضة خاصة السباحة والصعلكة فى الشوارع والمقاهى الثقافية والندوات بحرية وكذلك ممارسة الحب !
وأذكر عندما ذهبت مديرا لمكتب مؤسسة (دار الهلال ) فى الاسكندرية سنة 2003 كنت متضايقا جدا وظللت ثلاث سنوات مخلصا بعملى كمن يحرث فى البحروعلمتنى التجربة الكثير ويكفى أن أقول إنه ليس وقت المخلصين ولا مكانهم وقد صممت على مغادرة المكان وهددت رئيس المؤسسة بأننى قد أخذ اجازة بدون مرتب أو أستقيل إذا لم يعيدنى صحفيا وكاتبا حرا دون مسؤليات إدارية وهذا موضوع طويل قد أرجع لحكايته يوما ما!
المهم أنى نزلت قريتى وقضيت اجازة جميلة لأول مرة دون أن أكون متوترا للإعداد للعدد القادم وخلافه وشعرت كمن زال عن كتفيه هم ثقيل وعبء كبير .
وذهبت إلى الحلاق الذى شكى لى من سلبية السلطة وضعفها ضد الخارجين عن القانون والبلطجية .
وشكى لى اثنان من حملة الماجستير عدم تعيينهما بالجامعة وهى ذاتها شكوة العشرات !
ولأنى أخذت عهدا على نفسى ألا أتوتر أو أحرق دمى فقد امتنعت تماما عن متابعة جميع نشرات الأخبار وبرامج التوك شو ويكاد التلفزيون لا يفتح فى بيتنا إلا لبرنامج دينى أو وثائقى أو رياضى أولفيلم كوميدى وعليه لن أتعرض للأحداث الساخنة التى تمر بها بلادى مصر التى أعشق ترابها ولن أدلى بدلوى فى المشهد رغم أنى عندى ما يكفى لكتابة قاموس من الكلمات ولما كنت لست صاحب أجندة ولست تبعا لأحد وليس لى غرض خاص غير رقى بلادى وتقدمها سوف أصمت وأحول اهتمامى لأمورى الخاصة لأن المشهد السياسى العام بالبلدى ( يقرف) وحجم التواطؤ والخبص والمكائد والأجندات الخاصة فوق الوصف داخلية وخارجية وعندما أعلم أن خطف البنات تكرر فى قريتى وأن السلاح سهل الحصول عليه والمخدرات تباع على الملأ ( عينى عينك ) وأن استباحة الدم صارسهلا أقرر أن قريتى لم تعد قريتى وأن الناس غير الناس وأن الزمن غير الزمن وأن المكان لم يعد هو وهذه حكاية طويلة قد أحكيها لكم لتعيشوا معى زمنا عشت فيه طفولة رائعة وشبابا بريئا طموحا قبل أن يتلوث الزمان والمكان !
بصراحة أنا حزين جدا على بلادى مصر أم الدنيا ومع ذلك لن أتكلم فى السياسة ولن أطفىء سعادتى بتحررى من عملى الخاص وعتقى من العبودية وعقبال إن شاء الله يوم أن أتحرر من عملى الحكومى أيضا وأنا فى هذا مثل العقاد الذى كان يعتبر الوظيفة عبودية العصر .
وبعيد اعن ( الزيطة والزمبليطة ) سأكلمكم فى المرة القادمة عن ( المؤخرة البرازيلية ) فى زمن المؤخرات !               

الأحد، 7 أبريل 2013

إسرائيل الأولى بالطاقة الشمسية بالمنطقة !


إسبانيا، قبرص، إسرائيل، أميركا، تونس، النمسا.. بعض الدول التي ركزت جهودها علي استغلال الطاقة الشمسية
«مصدر» تشارك في ملكية «سوليندرا» المتخصصة بتصنيع خلايا شمسية حول العالم
تستحوذ الصين وحدها علي %71 من تقنية أنظمة التسخين الشمسي بالعالم
تتمتع الدول العربية بتوافر معدلات مرتفعة من الإشعاع الشمسي الكلي تتراوح بين 4 إلي 8 كيلو وات
ساعة لكل متر مربع يومياً مع غطاء سحب منخفض لا يزيد علي %20 علي مدار العام، ومع هذه الفرص الهائلة لاستخدام التقنيات الشمسية إلا أن الدول العربية لا تزال بالمؤخرة!
إن التحول للاقتصاد الأخضر لابد أن يمر من طريق طاقة المستقبل، فالطاقة هي المسار الطبيعي للوصول إلي اقتصاد صديق للبيئة ومستدام، وسيكون لهذا التحول فوائد جمة فضلاً عن تحسين تنافسية القطاع الصناعي في وقت يقلل فيه العالم من استخدام الوقود الأحفور «فحم ونفط وغاز»، ومن الطاقة النووية خاصة بعد «كارثة فوكو شيما» اليابانية واستبعاد الخيار النووي لإنتاج الكهرباء لدرجة أن ألمانيا بعد فوز «حزب الخضر والديمقراطيين الاشتراكيين»، فيها سنة 2011 قررت إغلاق كل محطاتها النووية بحلول عام 2022 وهي تنتج ربع احتياجاتها من الكهرباء، وفي فرنسا تنتج %80 من كهربائها من الطاقة النووية، لذلك يرفض الألمان استيراد الكهرباء من فرنسا، ولن يكون أمامهم غير الطاقة المتجددة.
ويستفيد الإنسان من الشمس بحوالي %1 من احتياجاته من الطاقة لذا فهي أقل مصادر الطاقة مشاركة في توفير احتياجاتنا رغم أن الشمس المصدر الأساسي للطاقة علي كوكب الأرض أو يشمل سوق الطاقة الشمسية الأنظمة ذات العلاقة ابتداءً من السخانات الشمسية للمياه إلي توليد الكهرباء بالخلايا الفوتوفلطية أو المركزات الشمسية، وتتميز الطاقة الشمسية بإمكانية إدماجها في تطبيقات عدة، فالمركزات الشمسية توفر طاقة للمنازل في المناطق النائية غير المتصلة بالشبكة الوطنية للكهرباء وتنير الطرق والعلامات المرورية، أما الطاقة الحرارية من الشمس فتسخن المياه للأغراض الصناعية والمنزلية وأيضاً في إنتاج الكهرباء، ويقصد الطاقة الحرارية الاستفادة من حرارة الشمس بداية من تسخين السوائل حتي تحويلها إلي بخار.
وقد أنشئت أول محطة عالمية للري بالطاقة الشمسية سنة 1913 في ضاحية المعادي بالقاهرة، حيث كانت تعمل لمدة خمس ساعات باليوم، واجتهد العلماء لدرجة ابتكار آلات حاسبة بحجم لبنان وساعات صغيرة وكشافات إضاءة تشحن بطارياتها بضوء الشمس ثم قفزت أحلامهم لتصنيع سيارات شمسية لاسخدامها كبديل لسيارات البنزين والسولار ثم صممت الطائرة الشمسية وحلقت علي مدار 24 ساعة مستقية طاقتها من الشمس، ويبذل العلماء في قطر جهوداً مضنية أملاً في تسيير سحب بالطاقة الشمسية تلطيفاً لصيف تصل درجة حرارته إلي 50 درجة مئوية ينتظر أن تلعب خلاله مباريات كأس العالم 2022 التي سوف تستضيفها قطر.
تجربة إسبانيا
وفي إقليم برشلونة بإسبانيا بدأ في مارس «آذار» 2007 تطبيق قانون يلزم كل من يقوم علي تشييد عقار أو تجديد مبني إنشاء وحدات تسخين شمسية وبنجاح التجربة أعلنت حكومة إسبانيا في  2009 بدء الالتزام بهذا القانون في كل إسبانيا ويتوقع أن توفر تلك النظم نحو %50 من الطاقة اللازمة لتسخين المياه في المنازل، أما المباني غير السكنية مثل الأسواق والمستشفيات فسوف تحتوي علي مركزات شمسية لتوليد جزء من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها. ويسري القانون علي نصف مليون منزل يتم إنشاؤها سنوياً في إسبانيا ورافق ذلك تطوير «ركود البناء المحدد لمعايير مبان تستخدم قدراً أقل من الطاقة في الإضاءة والتدفئة والتبريد مع زيادة الاعتماد علي الإضاءة الطبيعية في المباني وهو ما يهدف لتوفير 30 إلي %40 من الطاقة بكل مبني وتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة تتراوح بين 40 و%55.
طموحات أميركا
وتعمل كاليفورنيا باجتهاد ويبلغ إجمالي قدراتها المركبة 55 جيجاوات تشارك فيها طاقة الرياح بنسبة %7.3 وتستهدف الوصول لطاقة نظيفة بنسبة %33 عام 2020 وحققت وفراً في استهلاك الطاقة سنة 2006 بلغ 165 تيراوات ساعة مثلث ثلث احتياجاتها من الكهرباء دون أن تتأثر الخدمات المقدمة للمستهلكين، ولأن أميركا تهدف للاستقلال النفطي فإنها عمدت لتوفير %10 من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة سنة 2012 وتوفيره ملايين وظيفة من خلال استثمار 150 مليار دولار لدعم برامج الطاقة النظيفة وتأمين نفط أكبر من المستورد وطرح مليون سيارة هجين تعمل بالكهرباء والبنزين معاً، وتصل معدلات استهلاكها نحو  250 كيلو مترا لكل جالون من البنزين وذلك بحلول 2015، أما الأهداف بعيدة المدي فتهدف لتأمين %25 من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2005، وخفض انبعاثات غازات الصوبة الزجاجية بنسبة %80 بحلول 2050.
مصدر
وبالنسبة للشركات أتت شركة «سوليندرا» بتقنية جديدة لتصنيع وإنتاج الخلايا الفوتوفلطية في شكل أنابيب أسطوانية يتم تركيبها في مجموعات تكرارية قدرة كل منها 210 وات علي الأسقف التي يتم طلاؤها باللون الأبيض لتعكس الإشعاع الشمسي، وقامت الشركة بتركيب 200 ميجاوات بالعالم وتعاقدت علي تركيب 850 ميجاوات في مناطق أخري بالعالم.
تونس
كذلك تعتبر تجربة تونس في السخانات الشمسية تجربة عربية ناجحة وهذا علي أثر تعاونها مع مرفق البيئة العالمي وبلجيكا سنة 1995 مع تقديم %35 منحة من تكلفة السخان وتقسيط الباقي علي 7 سنوات تسدد مع فاتورة الكهرباء فانتشر المشروع.
قبرص
وتعتبر قبرص بالمركز الأول بداية من 2009 بنحو 527 كيلو وات حراري لكل ألف فرد تليها إسرائيل التي تنتشر بها السخانات الشمسية للمياه لحوالي %80 من المنازل ثم النمسا بالمركز الثالث.
ويساهم رأس المال العربي في شركات عالمية مثل «أرامكو» و«مصدر» اللتين تستثمران في «فرنتير وسوليندرا»، ولقد بدأ استخدام سخانات المياه الشمسية لأول مرة بأميركا سنة 1890 وبيع منها سنة 1920 نحو عشرة آلاف وحدة، وتستخوذ الصين وحدها علي %71 من التقنية «أنظمة التسخين الشمسي» يليها الاتحاد الأوروبي بدوله الـ 27 بنحو %12.3 سنة 2008 وارتفع المعدل عالمياً إلي %21 سنة 2009 ليصل لحوالي 185 جيجا وات حراري وأضافت الصين وحدها 29 جيجاوات حراري أي ما يعادل 42 مليون متر مربع بزيادة %34 على العام السابق.

أخلاق العمل البروتستانتي


في بعض البلاد الأوروبية يطلقون وصف «أخلاق العمل البروتستانتي» علي مبادئ الالتزام والجدية والصرامة في العمل، وعلي قيم الطهارة والشفافية والنزاهة وعدم الفساد وعلي الصدق والأمانة، وهي كلها صفات المسلم والعامل المسلم الحقيقي قبل أن تتشوه الشخصية تحت وطأة الاستبداد والخوف والطمع والشهوات الصغيرة لدرجة أن الباحث الأنثروبولوجي الأميركي اليهودي «رافائيل باتاي» وصف الشخصية العربية في دراسة له عنها بالتمسك بالماضي والتقاليد الجامدة والعزوف عن بذل المجهود وعدم المثابرة والميل للمبالغة وترديد الشعارات والازدواج العاطفي والانفصام والقدرية والاندفاع والانفصال بين الكلام والفعل والشعور بالنقص.
طبعاً السمات السابقة ليست ثابتة، كما أن التعميم مرفوض ولكنها لا تبعد عن الحقيقة كثيراً، وبقراءة عدة دراسات عن الشخصية القومية العربية وجدت صفات ثابتة ومتكررة مثل: الفهلوة والكسب السريع والسهل والاستهلاك وليس الادخار والاهتمام باللحظة وعدم التخطيط للمستقبل وتقدير المستورد والهروب من الواقع والاهتمام بالمظهر والاقتناء واللامبالاة والسلبية وإعلاء المصلحة الشخصية علي العامة واستباحة الملكية العامة وتبرير الأخطاء وصور الفساد بحجة أن الغاية تبرر الوسيلة.
وفي دراسة جادة للباحث الاقتصادي عبدالخالق فاروق عن «الأجور ووقت العمل» في مصر اكتشف أن الموظف المصري يعمل 27 دقيقة في اليوم!.. فكم من المليارات المفقودة في أسواق العمل العربية الرسمية وغير الرسمية لا لشيء إلا لصفات الشخصية العربية؟!
قمة الدوحة:
- انقضت علي خير «قمة الدوحة» للقادة العرب، فمتي نري قمة عربية شعبية تمثل الشعوب «شباباً وامرأة ورياضيين..» وتخرج بتوصيات ملزمة للحكومات، أليست هذه آلية من آليات الديمقراطية؟، لقد اكتشفت وأنا أقرأ كتاب «الديمقراطية» للمفكر اليساري د. إسماعيل صبري عبدالله أنه دعا لذلك قبل سنوات.
محمد صالح القرق:
- قرأت حواراً للأديب ورجل الأعمال الإماراتي محمد صالح القرق بمناسبة ترجمته الـ 23 لرباعيات الخيام فجذبتني شخصيته لحبي للشاعر الفارسي الكبير عمر الخيام ومتابعة كل ما يكتب عنه ولأن «القرق» تخصص في «الخيام» لأقصي درجة، ولكنني أتساءل في حيرة: كيف جمع بين الأدب والتجارة؟.. إن شخصيات قليلة في عالمنا العربي هي التي نجحت في المجالين مثل نزار قباني الذي كان شاعراً كبيراً وصاحب دار نشر ناجحة، والموسيقار عبدالوهاب الذي جمع بين موهبة الفن الكبيرة والعقلية التجارية وأنشأ شركة للأسطوانات، أما غالبية الموهوبين فعادة ما يكونون سُذجاً في البيزنس!.. التهنئة لمحمد صالح القرق علي تعمقه في الخيام الشاعر العالمي وعلي نجاحه بالتجارة.
أديب سليمان:
- هو طفل إماراتي يبلغ من العمر 9 سنوات فاز بلقب أصغر مخترع عربي في المنتدي الأول للمخترعين العرب.. مبروك، وهذا هو طريق المستقبل.
مرتبات رؤساء البنوك:
- قرر البنك المركزي الأوروبي وضع سقف لمرتبات رؤساء البنوك الأوروبية، ومثل هذه الخطوة لم يجرؤ اتحاد المصارف العربية علي الإشارة إليها ولا أقول تقليدها، ومرة سألت واحداً من أكبر رؤساء البنوك عن راتبه الرسمي وغير الرسمي فهاج، وفي كل مرة يُثار فيها الأمر يهدد المصرفيون بالاستقالة ويقولون إن تطبيق الحد الأقصي عليهم سيؤدي لهروب الكفاءات من الجهاز المصرفي، ورأيي أنها حجة غير منطقية والمسألة بحاجة لإعادة نظر.
نشرت بمجلة (أموال) عدد ابريل 2013

السينما الإلكترونية: سينما المستقبل لأفلام الخيال العلمي


السينما الإلكترونية سوف تبتكر كل شيء بما فيه وجه مارلين مونرو وقراءة الذاكرة البشرية
أميركا نتصدر العالم في إنتاج أفلام الخيال العلمي كما تصدرته في جوائز نوبل في العلوم والطب
جورج لوكاس كرس حياته لثلاثية «حرب النجوم» وعمر الشريف قام بدور «الكابتن نيمو»
كمال الشيخ هو المخرج العربي الوحيد الذي قدم «قاهر الزمن» ضمن الخيال العلمي
آلة الزمن، حرب النجوم، كوكب القرود، الجهنمي، الرجل الخفي، الحياة في المستقبل، جزيرة الدكتور مورو.. إنها بعض أفلام الخيال العلمي الشهيرة التي تزيد علي الألف فيلم حتي الآن غالبيتها أميركية، وعربياً لا يوجد إلا فيلم واحد للمخرج كمال الشيخ باسم «قاهر الزمن».
والجديد في هذه الموجة هو الاتجاه نحو السينما الإلكترونية التي يتوقع النقاد أن تحيى نجوم السينما الكبار بشحمهم ولحمهم للقيام بأدوار جديدة في الأفلام، وإلي التفاصيل في تقريرنا التالي.
السينما الإلكترونية
تطورت صناعة السينما في العالم إلي أن حدث ما يمكن تسميته «عصر السينما الإلكترونية»، وذلك من خلال إنتاج فيلم «ترون» عامي 1981 و2011 وهو نوع من الأفلام التي سنراها بالمستقبل وتعتمد في المقام الأول علي تطور الأجهزة التي توصل إليها العلماء لصناعة المؤثرات المختلفة في صناعة السينما وعليه لن يكون هناك مخرج بالمعني التقليدي، فرغم أن فيلم «ترون» الأميركي يحمل اسم المخرج ستيفن ليسبرجر إلا أن منفذ الفيلم الحقيقي هو ريتشارد تايلور ومساعده هاريسون اللنيشو، وقال تايلور إن كل صورة في الفيلم قد تكونت من مليوني نقطة ضوئية بالألوان وأن كل نقطة قد ترجمت من وحدات كودية، وإن العقل الإلكتروني لا يمكنه فقط قراءة الصورة السينمائية بل قراءة الذاكرة البشرية، وتسجيلها، لقد فكرنا في تلوين الأشرار في الفيلم باللون الأزرق والأخيار باللونين الأحمر والأصفر فوجدنا أن العقل الإلكتروني يقلب الألوان، فالأزرق رقيق والأحمر ينقلب لألوان أخري، واليوم بوسع العقل الإلكتروني خلق كل شيء بما في ذلك وجه مارلين مونرو.
ولأن السينما الإلكترونية يمكنها تخزين الذاكرة فإن خبراء السينما يؤكدون أنه سيتم إنتاج أفلام نري فيها وجوه نجوم السينما القدامي بشحومهم، ولحومهم مثل مارلين مونرو وكلارك جيبل وأنور وجدي وفاتن حمامة وعماد حمدى وفريد شوقي، ونجيب الريحاني وهم يقومون بالبطولة في أفلام جديدة!
وهكذا يرتبط التخيل العلمي بالواقعية العلمية في صناعة السينما، وكما قال المخرج ليسبرجر فإن في فيلمه خمس عشرة دقيقة لم تمسسها يد البشر لذا لم يكن هناك طاقم عاملين تقليديين ولكن هناك سيناريو بسيطا، وعقلا إلكترنيا يؤدى الدور الكبير، أما قصة الفيلم فتدور بين ساحر وآلة صنعها تمردت عليه بعد أن صنعها، والساحر هو الإنسان ويمثل الجانب الشرير والآلة تمثل الجانب الطيب.
إن خطر الحرب الذرية سيطر علي البشرية منذ سنة 1950، وحتي الآن كذلك التهديدات بالانفجار وكلها قضايا حبستها سينما الخيال العلمي التي صارت من نسيج السينما العالمية وصار لها مهرجانات سينمائية متخصصة.
أبرز الأفلام
وعلي سبيل المثال فإن كتاب: «1000 فيلم يجب أن تراها قبل أن تموت» تضمن 32 فيلماً من أفلام الخيال العلمي وأبرزها حسب الترتيب التاريخي: رحلة إلي القمر لجورج ميليه الفرنسي سنة 1902، مترو بوليس 1927، الرجل الكاميرا 1929، فرانكشتاين 1031، كينج كونج 1933، خطيئة فرانكشتاين 1935، العصور الحديثة 1936، يوم تتوقف الأرض 1952، الكوكب الممنوع 1956، الأستاذ نوتي 1963، كوكب القرود 1968، أوديسا الفضاء 2001، البرتقالة الآلية 1971، سولاريس 1972، حرب النجوم 1977، غريب من الفضاء 1979، حروب النجوم 1980، أي تي 1982، الجهنمي 1984، برازيل 1985، الذبابة 1986، الرجل الوطواط 1989، إدوارد ذو اليد المقص 1990، حديقة الديناصورات 1993، ماتريكس 1999، متاهة 2006.
أميركا
ومن القائمة السابقة نجد أن السينما الأميركية قد حظيت بالصدارة في عدد الأفلام المتميزة التي يجب أن تشاهدها لأفلام الخيال العلمي تليها السينما البريطانية، ولأن أفلام الخيال العلمي ارتبطت بالدول المتقدمة علمياً، ولأن معظم الحاصلين، علي جوائز نوبل في العلوم والطب من أميركا، وبريطانيا.
من الطبيعي أن يأتي صناع أفلام الخيال العلمي من أميركا أولاً، سنري أن هناك مخرجين بعضهم شغفوا بهذه النوعية من الأفلام مثل: «ستانلي كيوبريك وستيفن سبيليرج.. والثاني قام بإخراج فيلم الذكاء الصناعي الذي كان مقرراً أن يخرجه كيوبريك قبل رحيله».
7 أقسام
ويمكن تقسيم أفلام الخيال العلمي لسبعة أقسام أولها: قسم الأفلام التي تدور أحداثها بالمستقبل، مثل: «متروبوليس، وفهرنهايت وكوكب القرود وماكس المجنون والشفرة المتزحلقة والشرطي الآلي وعرض ترومان وماتريكس»، والقسم الثاني لأفلام غزو الفضاء مثل: «يوم توقفت الأرض، وقرية الملاعين، وغزو الأجساد، ولقاءات قريبة من النوع الثالث، والضباب، ويوم الاستقلال».
والقسم الثالث لأوبرا الفضاء مثل أفلام: «هذه الأرض الجزيرة، وأوديسا الفضاء، والجري صمتا وحرب النجوم، وغريب من الفضاء وفلاش جوردون، ورحلة إلي الفضاء وأكيرا ومقاتلو سفينة الفضاء»، أما القسم الرابع فهو لأفلام الرحيل عبر الزمن مثل: «الجهنمي والعودة إلي المستقبل وقردا»، والقسم الأخير لأفلام العجائب التي تمزج الخيال العلمي بالفانتازيا مثل: «عشرون ألفا فرسخ تحت الماء والكوكب المنوع وبارباريللا والأعماق، والنداء الكلي»، والقسم السادس لأفلام الكوميديا مثل: «النائم والكوكب المعتم»، والسابع لأفلام تصوير العالم خارج السيطرة مثل: «الرجل الخفي والرجل في الثوب الأبيض وعالم الغرب والذبابة».
المخرجون
وسنري أن لمخرجي أفلام الخيال العلمي أسماء بعينها مثل: «جون كاربنتر بول فيرهوفن وروبرت وإيزوريدلي سكوت وجيمس كاميرون صاحب فيلم «آفاتار» سنة 2010 ولا ننسي «جورج لوكاس» صاحب ثلاثية حروب النجوم star wasr الذي كرس حياته لإنتاج أكثر من ثلاثية حول حروب النجم وعرضت طبعتها الثانية في شكل ثلاثي الأبعاد مع بداية 2012.
الثلاثة الكبار
وسنري ثلاثة من كبار المؤلفين في هذا المجال أولهم «جول فيرن» الروائى الذي اقتبست السينما منه «عشرون ألف فرسخ تحت البحار» و«رحلة إلي مركز الأرض، و«سيد العالم» و«الجزيرة الغامضة»، ويليه «ويلز» صاحب روايات: «حرب العوالم والحياة في المستقبل والرجل الخفي وجزيرة الدكتور مورو وآلة الزمن» والثالث «آرثركونان دويل» صاحب رواية «العالم المفقود»، ويذكر أن عمر الشريف جسد دور الكابتن نيمو ومدينة تحت سطح الماء سنة 1971 من إخراج جون باريم وسبق تجسيد الدور في أفلام الجزيرة الغامضة سنة 1961 وجسده روبرت ريان.
آلة الزمن
أما هربرت ويلز فقد ظهرت له أفلام: «حرب العوالم» و«آلة الزمن» التي أخرجها جورج بال سنة 1960 في فيلم يعد من كلاسيكيات السينما ثم في فيلم بالاسم نفسه سنة 2004 وأهم أعماله «جزيرة الدكتور مورو» سنة 1986 وجسد مارلون براندو المعالجة الثالثة للفيلم سنة 1996 وحتي سنة 1970 كانت السينما الأميركية والبريطانية والفرنسية، قد قدمت 500 فيلم عن سينما الخيال العلمي.. وعلي سبيل المثال فإن «الرجل الخفي» قد نفذ أكثر من عشر مرات لإبراز الحيل السينمائية، وظهرت مختبرات المعامل والمركبات الفضائية والسوبر مان والفتاة الخارقة والغواصات الأسطورية، والأنفاق العملاقة والإنسان الآلي أو الروبوت الشرير أو المنقذ وكان الكاتب التشكيلي «كارل تشابك» أول من اخترع كلمة «Robot» في مسرحية له، كذلك ظهرت الأطباق الطائرة وحرب الجراثيم العالمية، وامتلاك البذور والاتجار في الأعضاء البشرية والرسوم المتحركة والرجل الوطواط والرجل العنكبوت وابتدع شخصية «سوبر مان» الرسامان الأميركيان جيري سيجال وجوشو ستر سنة 1933 عقب الأزمة الاقتصادية الطاحنة بأميركا لإنقاذ البلاد من عثرتها.
قاهر الزمن
وعربياً يعتبر فيلم «قاهر الزمن» هو الفيلم العربي الوحيد الذي ينتمني لسينما الخيال العلمي من إخراج كمال الشيخ وظهر للنور سنة 1987 ويتناول قصة الطبيب حليم صبرون صاحب المستشفي بحلوان والذي يشتري الجثث المهربة لمنزله لإجراء أبحاث عليها ويلاحقه صحفي لكشف أسراره ورغم عزلة المكان وكآبته، وإحاطته بالأسوار والأسرار إلا أن الطبيب ومساعده مرزوق يبدوان خيريين وقد قال الطبيب إن الذين يموتون من أجل العلم أقل بكثير ممن يموتون في الحروب أو في حوادث المرور اليومية وأحياناً يمثلان الشر بعينه وأشبه بزعماء عصابات المافيا!

السبت، 23 مارس 2013

مابعد البركان- يوميات الثورة المصرية (8) صراع الكاب واللحية



توقفت معكم فى الحلقة السابقة عند الصراع بين اللحية والكاب وأقصد الصراع بين فصائل وجماعات الإسلام السياسى والعسكر وهو صراع ممتد وعميق فى أكثر من بلد عربى من قبل وبعد حقبة الاستعمار لبلادنا العربية وهو صراع ليس على القيادة والغنائم فقط بل على الهوية أيضا ويستطيع كل طرف أن يحكى القصة من وجهة نظرة ..
على سبيل المثال حكى الصحفى محمد حسنين هيكل فى حلقات تذاع له منتصف مارس 2013على (سى بى سى ) أن (الاخوان المسلمين ) لم يشتركوا فى ( حرب فلسطين ) بالصورة الضخمة التى تروج عنهم وقال إن الحرب كانت محدودة وإن الجيوش العربية التزمت بالقتال ضمن الأراضى العربية التى نص عليها قرار التقسيم وقال إن بطولات أحمد عبد العزيز لم تكن بالصورة التى راجت عنه وعن اشتراك (الاخوان المسلمين ) معه .
وقد قابلت أولاد البطل الشهيد أحمد عبد العزيز فى بيتهم بمنطقة الزمالك من سنوات وشرحوا لى جهاد والدهم وأمدونى بمقالات وتقارير نشرت فى حينه عن المعارك التى خاضها وأحاديث صحفية نشرت معه وعنه فى جبهة القتال وتدل كلها على قائد فذ أربك عدوه الاسرائيلى فى وقت كان كتيبة الضابط جمال عبد الناصر محاصرة فيه !
ثم التقيت مع الكاتب الصحفى بالأهرام مصطفى عبد الغنى وكان مما قرأته له كتابه عن البطل أحمد عبد العزيز والذى ذهب فيه إلى حد اتهام الخونة المحليين فى الجانب المصرى من قتله والايقاع به إذ أصابته رصاصة قاتلة فى جنح الظلام من الجانب المصرى بحجة أنه كان يسير بسيارته فى طريق غير معبد ولم يكن يعرف كلمة سر الليل وما أكثر الجرائم التى طواها الزمان ونقلت لنا محرفة على هوى من بيدة الحكم والسلطة فيما بعد !
ثم أن هناك عشرات الشهادات والكتب التى تناولت دور كتائب المتطوعين فى حرب فلسطين وكانت الأغلبية للإخوان المسلمين وكذلك عن دورهم فى الكفاح المسلح ضد الانجليز فى قناة السويس فى السويس والاسماعيلية وبور سعيد .
بالمثل هل يعرف أحد أن سربا مصريا من الطائرات بقيادة المقدم طيار محمد فكرى الجندى كان يقاتل مع السوريين فى حرب 6أكتوبر 1973 وأن هذا السرب قام بربع العمليات الجوية على جبهة الجولان وقد ذكرت كل ذلك فى كتابى ( سقوط الفانتوم ) المنشور سنة 2000وسبق نشره كحلقات مسلسلة فى صحيفتى (الخليج ) الإماراتية و( السياسة ) الكويتية ومما قاله لى اللواء طيار الجندى إن القوات العراقية ساهمت بدور كبير مع السوريين فى المعركة وأنقذت دمشق من السقوط .
فهل يعرف ذلك الجميع ؟ بالطبع لا .كما لا يعرفون أن الطائرات السعودية ساهمت فى الحرب بنقل الذخيرة بين مصر وسوريا بطائرات السى 130 وكذلك ساهمت الجزائر وليبيا والسودان فى المعركة فمن يتحدث عن ذلك الأن بعد أن صنع مبارك بإعلامه الكاذب التاريخ على مقاسه وهواه وصوروا الحرب ولخصوها فى الطلعة الجوية وهو قمة التزوير للتاريخ .
أعود الى هيكل الذى يقدسه أصحابه ويصنعون منه صنما وتابو لا يجب الاقتراب منه بينما يراه أخرون أنه ( صانع وبائع الأكاذيب الأول ) فى صحافتنا العربية وقد قرأت كل كتبه وحضرت بعض حواراته مباشرة فى معرض القاهرة للكتاب وفى الجامعة الأمريكية بالقاهرة قديما وأراه صاحب هوى فى كل الأحوال ولايتكلم لوجه الحقيقة المجردة وكثيرا ما يجعل من نفسة بؤرة الأحداث وقادر على تطويع ثقافته ومعارفه وخبراته فى الاتجاه الذى يريده . إنه ليس مثلا أحمد بهاء الدين الصحفى الذى احترم نفسه وقلمه وليس جلال الحمامصى ولا مصطفى أمين ولا حتى موسى صبرى الذى تناوله بما يسيئه فى مذكراته ( 50 عاما فى قطار الصحافة ) ومن شاء فليقرأ مذكرات موسى صبرى . ولذلك فأنا أقرأ لهيكل وأستمع له ولكن بعقل حذر لأنه لا يقول كل الحقيقة إلا إذا كان الأمر متعلقا بكتاباته الخارجية مثلما فعل مع إيران وثورتها وغيرها أما فى الشأن الداخلى المصرى فالحذر الحذر وهذا لا يقلل من قيمته ولا تاريخه ولكننى ممن  يعتقدون أن المصاقية قبل الحرفية والمهارة وأن الصدق قيمة فى ذاته ولذلك فكتاب احمد بهاء الدين ( محاوراتى مع السادات ) يظل بعشرة كتب لهيكل مثلا وكذلك مذكرات الشيخ الباقورى ( بقايا ذكريات ) وغيرها من الشهادات الصادقة حتى مذكرات موسى صبرى تنطق بالصدق فى كل سطورها لدرجة أنه اعترف بانحرافاته الجنسية فى شبابه وبقصة حبه للفنانة صباح والتى حذره بشأنها مصطفى أمين أستاذه قائلا له إن أجهزة الأمن تسجل له كل حواراته التليفونية معها ..هذا فى زمن عبد الناصر الذى كان يعد أنفاس الناس فهل تعجز أجهزة الأمن فى 2013 عن فتح ( ميدان التحرير) والكشف عن ( البلاك بلوك) و وقف تهريب السولار والدقيق ووقف انتشار المخدرات فى البلاد ؟ ..إنه مجرد سؤال !
 أيضا مما قاله هيكل إن ( الاخوان المسلمين ) مارسوا الاغتيالات قبل 1952 وهذا صحيح فقد اغتالوا رئيس الوزراء محمود فهم النقراشى والصحيح أيضا أن تلك الفترة كانت مليئة بالاغتيالات الساسية فقد مارس هذا الفعل الرئيس السادات وعد ذلك من بطولاته بعد الثورة ومارس ذلك جهاز ( الحرس الحديدى ) التابع للملك فاروق و( البوليس السياسى ) وبعض أجهزة المخابرات الأ جنبية على أرض مصر لدرجة أن الوكالة اليهودية كانت تضرب تجمعات اليهود فى القاهرة بالقنابل لإجبارهم على الهجرة لإسرائيل وللكاتب مصطفى عبد الغنى كتابا عن حسن البنا قال فيه إن قتله كان مؤامرة أمريكا ليست بعيد عنها !
المهم أردت من الأمثلة السابقة التأكيد على أن للحقيقة تفاصيل ووجوه متعددة وأن تطويع التاريخ لينطق بما تريده أنت وحدك قد لا يكون هو الحق ولا الصدق ومع ذلك أشهد أن كثيرا من تاريخنا لم يصل إلينا ولم يصنع محليا و ولم نكن فيه غير مجرد متلقين كسالى .
استطردت كثيرا وأختم هذا المشهد بدهشة واستياء لأن الماضى ممثلا فى هيكل لا زال يتصدر مشهدنا ولا زال يقابله الرئيس والقيادات كلها وهذه لفتة تؤكد أننا أسرى الماضى ولا نستطيع أن نعبره إلى المستقبل والوحيد الذى عبره كان السادات الذى فهم هيكل جدا فاستبعده من حاشيته فثأر هيكل لنفسه لا حقا بكتابه ( خريف الغضب ) الذى جرح فيه فى أصل السادات وعائلته وجذوره !
أيضا لا يفهم من كلامى انى ساداتى فأنا مصرى وسطى معتدل لست ناصريا ولا إخوانيا ولا سلفيا ومع ذلك أقول إن صراع اللحية والكاب مستمر وما تقاعس الشرطة أحيانا عن القيام بدورها إلا مجرد صورة من صور الصراع والمشاهد كثيرة ..ولكن هل سيحسم الصراع بنزول الجيش لتسلم السلطة ؟ أقول لا ومن مصلحة جيشنا الذى نحترمه ونقدره جدا جدا أن ينأى عن السياسة وألا يغامر بالنزول إلا إ ذا تعرضت الدولة المصرية لخطر السقوط وهو مالم نصل إليه بعد وأحسب ان مصر لن تصل إليه فنحن فى تبعات نظام يوليو العسكرى ل60 عاما منه 30 سنه لعصر مبارك الذى جعل مصر فى الحضيض وشوه الشخصية المصرية وخلق مراكز قوى رأسمالية وإعلامية تقبل بأن تسقط مصر أو تحتل ولا تنتقل لحكم مدنى ديمقراطى ونحن فى جبال من الفساد لا يقوى أى نظام ولو كان من كائنات الفضاء أن يقضى عليها وكما قلت مرارا أن ما حدث للأن مجرد تغيير سياسى فى قمة هرم السلطة فى مصر تبعا لسخط عام تحول إلى انتفاضة جماهيرية شاملة لكل البلاد ولم يتحول بعد الى ثورة لأن الثورة تعنى التغيير الشامل فى الطبقات الحاكمة وفى الاقتصاديين وفى مناهج التعليم وخطط الاعلام وبكل مناحى الحياة وتعنى إحالة أقوام للإستيداع مثل عمرو موسى الذى كان الأجدر به الأن أن يكتب مذكراته ويشرب قهوته بالنادى بدلا من أن يزعم أنه من الثوار وكذلك البرادعى المرفوض جماهيريا والذى لا يستطيع أن يواجه مائة فرد فى شارع !
أما وأن كل شيىئ على حاله من وزراء ومسؤلين ومدراء بكل مؤسسة فلم يتغير شيئ لدرجة أن من يتصدرون المشهد الإعلامى حاليا هم من كانوا يسبحون بحمد مبارك وعلى سبيل المثال من يتولون قيادة المجلة التى أعمل بها للأن هم من كانوا يدبجون مقالات المديح فى مبارك لدرجة أن أحدهم كتب يوم مرض وسافر للعلاج فى ألمانيا : (مين لنا غيرك ياريس ) وكتب أخر عن يوم مولده : (هذايوم ولدت فيه مصر ) !
على كل المعركة مستمرة حول الغنائم والمصالح وتأمين الامتيازات وكل الأطراف تدعى حب مصر والعمل من أجلها ومثلى ألاف من الناس مفعول بنا فى كل عصر ولم نرقى بعد لدرجة اللاجئين فى أوطاننا بل نحن أقرب إلى ( البدون ) وهم فئة فى الكويت وبعض دول الخليج مهمشة وغير معترف لها بأى حقوق !
وأواصل لاحقا ما بدأته من تحليل للصراعات التى أعقبت سقوط مبارك وللحق بيننا أقوام للأن يتساءلون : وهل سقط مبارك حقا ؟ ؟؟!      

الاثنين، 18 مارس 2013

مابعد البركان -يوميات الثورة المصرية ( 7) _صراع الكاب واللحية



أصدقائى تغيبت عنكم طويلا لأسباب عديدة منها سفرى ومرضى وتقفيل العدد الجديد من مجلة ( أموال ) التى أترأس تحريرها ولمتاعب نفسية من تفاهات الحياة ومنغصاتها التى يضايقنا بها الحمقى والخبثاء الذين تعج الحياة بهم الأن وللمأساة يتصدرون المناصب والصفوف ويتحكمون فى مصائر البشر فى مصرنا العزيزة التى سبق ووصفت ما جرى من تغيير فيها بأنه مجرد تغيير محدود فى قمة هرم السلطة فى مصر ولم يطل بعد كل مؤسسات الدولة وطريقة تدويرها و أن  ( عصابة مبارك ) بنفس أدواته وبنفس التحكم واحتكار المناصب العليا لم ترحل .ورغم أننى ممن أعطوا صوتهم فى الإنتخابات للرئيس محمد مرسى إلا أننى لست راضيا عن أداء حكومته ولا عن طريقة رد الفعل التى تعمل بها الحكومة إزاء عشرات الاحتجاجات و أشكال التذمر.
وأرى وكأن يدا تمسك بكل خيوط المسرح السياسى من معارضة وحكم وشباب ألتراس وكأن من بيده هذا الريموت يضغط عليه فتثور مدينة بورسعيد ثم يضغط مرة أخرى فتهدأ المدينة وكأننا فى لعبة على مسرح العرائس . نفس الشىء فى المحلة وطنطا و الكورنيش وأمام (ماسبيرو ) وفى ميدان التحرير ولست أصدق للأ ن أن الدولة المصرية عاجزة عن فتح الميدان وأنها عاجزة عن حماية نادى الشرطة أو اتحاد كرة القدم مثلا كما لم تكن عاجزة عن حماية  ذاكرة مصر فى (المجمع العلمى ) !
ولا أصدق للأن ان مصر عاجزة عن وقف تهريب السولار أو فك أزمته المستمرة ويصبح السؤال : من بيده الريموت وهل توجد قوة واحدة متحكمة فى القرار السياسى المصرى أم عدة قوى متصارعة ومتحالفة أحيانا ؟ وهل تلك القوى محلية فقط أم إقليمية ودولية أيضا ؟ .. بمعنى أخر فإن أمريكا ليست غائبة عن المسرح المصرى ولا الاتحاد الأوربى واعتقد مع من يعتقدون أن أمريكا لا يشغلها كثيرا من يعتلى عرش مصر ولا تونس ولا الجزائر ولا سوريا ولا الأردن مثلا بقدر ما تشغلها مصالحها الحيوية فى الإقليم والمتمثلة فى حماية اسرائيل و وتأمين إمدادات النفط وحماية الأقليات والمرأة والاقتصاد الرأسمالى الحرومن هذا الفهم عقدت تحالفاتها الجديدة القديمة واستبدلت وجوها بوجوه ونظاما بنظام ولكن أليات العمل والتعاون والمساوامات والصفقات واحدة ولم تتغير !
صراع الكاب واللحية
الملاحظة الرابعة أننى أرى ثمة صراعا بين (الكاب ) و( اللحية ) من سنة 1952 حتى يومنا هذا .أقصد بذلك صراع ( العسكر ) و( الإخوان ) منذ انقلاب الجيش فى 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر ضد الملك فاروق وهو الإنقلاب الذى صار لاحقا ثورة بفعل التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التى شهدتها مصر بعد ذلك .وهذا الصراع أحيانا يخرج للعلن ويأخذ شكل صدامات عنيفة كما فعل عبد الناصر وزج بألاف الإخوان فى السجون خاصة فى 1954 و1966 وأحيانا يأخذ الصراع شكل (التعايش المحسوب ) من الطرفين أوأن يستخدم طرف للأخر للإنتقام من طرف ثالث كما فعل السادات بضرب تيارات اليسار والناصريين والشيوعيين فى السبعينيات بتيار ( الإسلام السياسى ) فى الجامعات والنقابات وأماكن العمل الدعوى والإعلامى فى الصحف والإذاعة حتى انتهى به الحال للقتل بيد من ينتمون للفكر الجهادى فى وضح النهار وبين جنوده وفى يوم انتصاره الذى طالما فاخر وباهى به !
   واستمر الحال هكذا فى عصر مبارك بين شد وجذب وضرب هذا بذاك والسماح للإخوان بدخول الانتخابات على قائمة ( حزب العمل الاشتراكى )  بزعامة إبراهيم شكرى تارة وبالتحالف مع (حزب الوفد) تارة أخرى هذا رغم حظر الأحزاب الدينية وجماعة ( الإخوان ) قانونيا .وبينما حملت تيارات الفكر الجهادى السلاح فى وجه دولة مبارك فى التسعينيات راح تيار( السلفيين ) و(الجمعية الشرعية ) يتمدد بين القواعد الشعبية بمباركة النظام الذى وجد فيهم الوجه المسالم وغير الحركى للإسلام وفى أقل من عشرين عاما صار للسلفيين دعاتهم من المشاهير وصارت لهم قنواتهم الفضائية وتعجب الناس يوم اندلعت الثورة من حجم ظاهرة السلفيين مع أنهم وجدوا وانتشروا فى أخر عشرين سنة من حكم مبارك .لا أقصد بذلك أنهم كانو بمأمن من سجونه ومضايقاته ولكنها لم تصل لدرجة الحظر الكامل أو الحصار التام .
والأن أعتقد أن (صراع الكاب واللحية ) لا يزال موجودا مرات فى صورة علنية ومرات فى صور مكتومة ,وأعتقد أن أمريكا لها دور فى الأمر مرة بضبط الايقاع ومرة بالتفاهمات ومرة بالنصائح . وهذا الصراع هو جزء من صراع أكبر ليس حول الغنائم والمصالح والقيادة فقط بل حول هوية مصر وشخصيتها القومية . وهذه هى الملاحظة الخامسة التى سأتناولها فى المرة القادمة .ودمتم على خير .
     
    

                                                                                                      

الخميس، 28 فبراير 2013

التنفيذى أم الأكاديمى/بقلم صلاح البيلى

في بلادنا العربية ظاهرة غريبة في اختيار القيادات العليا في المناصب التنفيذية، وتكاد تصبح عملية الاختيار «موضة» أو تياراً عاماً، ففي خمسينيات وستينيات القرن العشرين في زمن الانقلابات العسكرية في مصر وسورية واليمن وليبيا وغيرها كان يجري اختيار القيادات من الجيش لجميع المواقع من الوزارات والمحافظات والمدن والأحياء حتي رؤساء مجالس الصحف ودور النشر.

وفي الحقب التالية وحتي يومنا جرت العادة علي اختيار القيادات من بين أساتذة الجامعات الأكاديميين، حيث يتم اختيار الوزراء والمحافظين ورؤساء المعاهد والهيئات والشركات من بينهم.. وهؤلاء يقولون ويكتبون دراسات ومقالات مهمة في مجالات تخصصهم وفور تحولهم لمواقع تنفيذية نجد أكثرهم يتعثر في مهمته وأحياناً يفشلون فشلاً ذريعاً، ونتساءل في حيرة: لماذا يتحول الأكاديمي الفصيح إلي بطة عرجاء أو أكتع وهو في مقعد الإدارة؟!

بالتأكيد توجد نماذج مبهرة جمعت بين الخبرة الأكاديمية والممارسة العملية ولكنها قليلة، ولكن الأعم هو وجود فجوة شاسعة بين النظرية والممارسة عندما تهبط النظرية من عليائها علي أرض الواقع، أقول ذلك وفي ذهني ما تابعته مما كتبه د. حازم الببلاوي نائب رئيس وزراء مصر ووزير ماليتها الأسبق الذي أصدر تجربته الوزارية في كتاب عنوانه «أربعة أشهر في قفص الحكومة»، ود. حازم خبير مصرفي واقتصادي كفء ولكنه في موقع الممارسة لم يسجل أهدافاً وهذا ليس انتقاصاً منه، ولكن تبقي حيرتي قائمة!

عموماً أنا أفضل اختيار القيادات من الممارسين الذين ترقوا سُلم المهنية من أسفل، فوزير الصحة يكون بالأصل طبيباً ووزير التعليم يكون بالأصل مدرساً كما أن قائد الجيش من العسكريين، إنني إذا ما جلست إلي شقيقي الأكبر «يسري» وهو مدرس صعد سلم الترقي لمدرس أول فموجه فمدير عام أجده يقوم بتشريح العملية التعليمية بدرجة تفوق الخبراء الأكاديميين، فلماذا نصر علي اختيار الوزير من كادر الجامعة وهو لم يمسك الطباشير في حياته ولم يبح صوته مع التلاميذ ولم يحط علماً بكل دقائق وأسرار التعليم؟!، وبنفس الدرجة هل يستطيع أستاذ بالإعلام أن يصدر صحيفة مثل المحرر الذي عركته الأيام والمطابع ودورة العمل من الكتابة واختيار الصورة حتي خروج المولود علي هيئة عدد طازج في يد القارئ؟.. الإجابة عندي بـ «لا»، وعلي الأقل إذا لم نفعل ذلك نقلد الأجانب الذين يضعون وصفاً ومسابقة لكل وظيفة.

جنرال إليكتريك:

برافو لتقنيي جنرال إليكتريك الذين نجحوا في عمل ماسحات «Silentscan» للتصوير بالرنين المغناطيسي بدلاً من الجهاز التقليدي الذي يصدر ضجيجاً يصل إلي 110 ديسبل، وهي خطوة صغيرة ولكنها كبيرة في عالم الطب وسيقدرها المرضي الذين تضطرهم الأيام لإجراء أشعة الرنين المغناطيسي، كذلك الثناء واجب لنجاحهم في تطوير تقنية تصوير الأورام والثدي عبر الإنترنت بما يفيد عند إجراء الأشعة والتحاليل.


البرازيل:

رشحت البرازيل السفير روبرتو أزفيد ممثلها بمنظمة التجارة العالمية لـ 16 عاماً مديراً للمنظمة خلفاً لـ «باسكال لامي»، وإنني أدعو العرب لاختياره كممثل لدول الجنوب، كما أدعوهم للتواصل الاقتصادي مع البرازيل التي احتلت المرتبة الـ 6 في الناتج المحلي الذي زاد علي 2 تريليون دولار في 2011 وزاد احتياطيها من النقد علي 375 مليار دولار وانخفضت بطالة شبابها إلي %5.4 وتراجع التضخم لـ %5 ونجحت في جذب استثمار مباشر سنوي 64 مليار دولار.

بالمناسبة سجل العرب %10 فقط مساهمة في التجارة الدولية التي بلغت 22 تريليون دولار في 2012 في حين ساهمت إفريقيا بـ %15 كما أن نصف الدول العربية فقط أعضاء بالمنظمة، فهل تدل تلك الأرقام علي أمة تطمح لتتبوأ مكانها تحت الشمس؟!

نشرت فى مجلة ( أموال ) بعدد شهر مارس 2013                        

الأحد، 3 فبراير 2013

اختراعات العرب ( صفر ) !


يبدو ونحن نستقبل عاماً جديداً أننا لن نمل من تكرار الشكوي من غياب اهتمام العرب بالعلم والبحث العلمي، يتساوي في ذلك العرب الأثرياء والعرب الفقراء، لقد تباري العرب في إطلاق الصحف والفضائيات وإقامة المؤتمرات ولكنهم غفلوا عن دعم البحث العلم والمخترعين الشباب والنتيجة أننا خارج إطار العالم المتقدم الذي يشارك بقوة في تغيير وجه عالمنا باختراعات أبنائه!
لقد جمعني لقاء بمدير عام «إبسون» خليل الدلو وكان مما قاله إن الشركة تقدم 20 براءة اختراع يومية، وهو معدل كبير آثار دهشتي فدخلت معه في تفاصيل تلك البراءات وفي حدود علمي أن بعض دولنا العربية لا تقدم هذا الرقم المتواضع علي مدار السنة باستثناء الشقيقة الكبري مصر لما لها من دور ريادي بمكتب براءات الاختراع الموجود فيها منذ 60 سنة وبما لديها من قاعدة علمية ومراكز بحثية عريقة وجامعات تخرج باحثين شباباً كل سنة.
وقال لي د. ماجد الشربيني رئيس أكاديمية البحث العلمي المصرية إن أول براءة صدرت في مصر سنة 1951 وإنهم يستقبلون سنوياً 1500 طلب من مصريين يحصل منهم بالفعل علي 300 براءة اختراع وتنتج مصر ما بين 17 و35 براءة، وهو رقم كبير مقارنة ببقية الدول العربية، ولكنه ضئيل جداً مقارنة بشركة مثل «IBM» التي أنتجت 50 ألف براءة اختراع!
إننا لم نوقن بعد أن الابتكار والاختراع يعني تحقيق الأرباح الطائلة، وأن الاستثمار في المعرفة هو استثمار المستقبل في ظل تراجع الاقتصاد التقليدي ونمو الاقتصاد المعرفي والتقني ولم نوجه استثماراتنا بعد لتشجيع الشباب علي الاختراع، كما نشجعهم ببرامج الغناء والمسابقات الفنية التي امتلأت بها فضائياتنا!
إنني أقرأ هذه الأيام باستمتاع كتاب: «الرقص عارياً في ميدان العقل» للفائز بنوبل الأميركي «كاري موليس» بترجمة رائعة للأديب والمترجم خالد البيلي وبوحي وإلهام من العالم المصري د. أحمد مستجير، وفيه يذكر أن بدأ العمل في شركة «سيتاس» - Cetus - عام 1979 عندما عزم «دون كيب وبيت فارلي ودون جلاسر وكارل جيراسي» علي استثمار مبلغ كبير في التقنية الحيوية في وقت لم يكن لديهم علم بإعادة تركيبة الـ«DWA».
وإنما استشعروا بشائر القادم في خط الأنابيب.. ويتابع: للمرة الأولي في حياتي صار لي الاعتبار الشخصي كعالم اشتري كل ما أحتاج إليه عندما أريد وبدون اللجوء إلي الحصول علي إذن.. كانت الشركة تمنح العلماء كل الخدمات التي يمكن تخيلها وكان ذلك بغرض تقليص أكبر قدر من الروتين ولكي يتاح للعلماء الوقت الكافي للعلم والتفرغ له.
هكذا يكون تشجيع العلماء في مجتمع متقدم مثل المجتمع الأميركي وعبر الشركات الخاصة فما بالنا بدعم الحكومات بميزانيات ضخمة توجهها للأبحاث.
إن الطريق واضح وأوله يكون بتطوير التعليم ليصبح تعليماً عصرياً، والعقول العربية الشابة مؤهلة وهي خامات خصبة وتمتلك قدرات كامنة هائلة، ولكن المعضلة في غياب الإرادة السياسية التي تضع يدها علي المستقبل وصناعة المعرفة، فهل يبدأ القادة العرب الطريق، وهل نأمل في عقد الجامعة العربية لمؤتمر عربي علمي يشجع البحث العلمي والابتكار؟
 نشرت لى فى مجلة (أموال) فى عدد يناير 2013.