الخميس، 31 يناير 2013

العرب يشربون قهوة برازيلى بنحو 250 مليون دولار!




كشفت إحصاءات حديثة صادرة عن «المجلس البرازيلي لتصدير البن» أن قيمة الواردات العربية من البن البرازيلي بلغت في النصف الأول من العام 2012  نحو106.9  مليون دولار أميركي، بارتفاع قدره %1.52 في العائدات مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وصدّرت البرازيل ما مجموعه 526,000  كيس قهوة زنة60  كجم إلى أسواق المنطقة في الفترة الممتدة ما بين «كانون الثاني» يناير و«حزيران» يونيو من العام 2012.
وأفادت «الغرفة التجارية العربية البرازيلية» بأن العالم العربي يمثل سوقا مهما لمنتجات البرازيل من البن، حيث وصلت صادرات البرازيل من البن إلى المنطقة العربية إلى 214 مليون دولار في العام 2011، مسجلة ارتفاعا بنسبة %35.88 مقارنة بالعام 2010.
وقال الدكتور ميشيل حلبي، المدير التنفيذي والأمين العام لـ «الغرفة التجارية العربية البرازيلية»: «يؤكد مصدرو البن لدينا على أهمية تكثيف الجهود لتلبية حاجات ومتطلبات المستهلك العربي في المنطقة، حيث حازت القهوة على شعبية كبيرة مقارنة بغيرها من المشروبات. كما يعكس ارتفاع العائدات خلال الأشهر الستة الأولى من العام توجهنا نحو بناء روابط تجارية قوية ومتينة بين العالم العربي والبرازيل. ولا تزال "الغرفة التجارية العربية البرازيلية" ملتزمة بتوفير الدعم الاستراتيجي لجميع الأطراف بغية توسيع حصة مصدري البن البرازيلي في السوق العربية التي تعد واحدة من الأسواق الرئيسية والمربحة."
يذكر أنّ "الغرفة التجارية العربية البرازيلية" تسعى منذ تأسيسها قبل أكثر من 60 عاماً إلى ترسيخ التحالفات القائمة وبناء المزيد من الفرص التجارية بين الشركات العربية والبرازيلية. ولا تزال الغرفة تعمل بشكل حثيث للارتقاء بمستوى التبادل الاقتصادي والثقافي والسياحي بين الدول العربية والبرازيل ودعم تدفّق المعلومات بين الطرفين.

التجربة العربية



تابعت بإعجاب وصول مركبة الفضاء الصينية «شترو 9» إلي الأرض يوم الجمعة الموافق 29 يونيو «حزيران» 2012، وعلي متنها 3 رواد فضاء صينيين بعد رحلة ناجحة ضمن برنامج الفضاء الصيني، وتحسرت علي «برنامج الفضاء المصري»، الذي كنت أتابعه بدقة، وكتبت عنه مراراً والذي كان قد نجح في إطلاق أول قمر اصطناعي في إبريل «نيسان» 2007 ثم توقف  كل شيء بسبب نقص التمويل، كانت الكوادر موجودة والكفاءات جاهزة لاكتساب التكنولوجيا من «أوكرانيا» بقيادة مدير البرنامج د. محمد بهي الدين عرجون، ولكن «نظام مبارك» كان له اهتمامات أخري، وبخلاف الأمن الذي موله  بالمليارات كان يحتضن لاعبي كرة القدم والممثلين ولا صوت يعلو علي صوت الكرة!
التجربة البرازيلية
ومن التجربة الصينية الناجحة إلي التجربة البرازيلية التي قادها القيادي العمالي الفقير «لولا داسيلفا» الذي عمل ماسح أحذية وبائع خضار وخراط معادن، والتحق بنقابة العمال ورأسها وأسس حزب العمال، واعتقل ونافس علي الرئاسة 3 مرات وهزم ولكنه نجح في الرابعة سنة 2002، وأعيد انتخابه في 2006، وعرف بنصير المحرومين وبطل الفقراء، كانت البرازيل علي شفا الهاوية، فتركها تتمتع بفائض يزيد علي 200 مليار دولار، وأكبر قوة اقتصادية في أميركا الجنوبية والعاشرة عالمياً، وأول دولة مصدرة للإيثانول من السكر، ورفض تعديل الدستور ليفوز بولاية ثالثة ورشح مساعدته «ديلما» التي تواصل مسيرته بنجاح وانتقدت في لقائها مع أوباما سياسة الغرب في التوسع النقدي.
التجربة الماليزية
وفي ماليزيا كان هناك ملهم آخر هو «مهاتير محمد» وزير التعليم الإصلاحي الذي صار رئيساً للوزراء ونجح في نقل بلاده من التخلف ليضعها علي عتبة المستقبل، وقد استقبل في بلادنا العربية بترحاب، وأذكر لقاءً تم معه في «مكتبة الإسكندرية» بمصر، وكنت حاضراً له، وأفاض الرجل في شرح تجربته، وتحركت آلة الإعلام الضخمة لتبشر بنقل تجربته في مصر ثم انفض «المولد بلا حمص»!
المكسيك
وفي المكسيك ابتكروا طريقة لمقايضة القمامة، حيث تنتج العاصمة 13 ألف طن قمامة يومياً كذلك ابتكروا وسيلة لأخذ القمامة من السكان ومنحهم بدلاً منها أكياساً من الخضراوات والفاكهة.
تركيا
أما تركيا التي كانت رهينة لحكم العسكر فقد حققت نجاحات متتالية بمجرد تحولها نحو الديمقراطية ورفع قبضة العسكر الغليظة عن رقبتها.
أما في دولنا العربية في حقبة ما بعد التحرر من الاستعمار الغربي فحدث ولا حرج، ومن صدام حسين الطاغية الذي خاض حرباً ضد إيران 8 سنوات واحتل الكويت وشق الصف العربي وأهدر ثروة بلاده ليموت الأطفال بسبب المرض ونقص الغذاء والدواء!
وفي الجزائر الغنية بثرواتها يقبض العسكر علي مقاليد البلاد وقادوها- كما قال د. أحمد طالب الإبراهيمي في شهادته مع قناة الجزيرة - نحو «عشرية حمراء بالدم» وتفشي الفساد وزادت الفئات المحرومة حرماناً في وقت تراكمت فيه المليارات في جيوب العسكر!
وفي ليبيا رأينا كيف حولها الطاغية القذافي من بلد موحد غني بالبترول إلي بلد أصحابه فقراء يشربون ويأكلون «الكتاب الأخضر» وشروحه.
وفي سورية نري بأعيننا كيف يدك الطاغية بشار الأسد المدن بالطائرات والدبابات وهو الذي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه الجولان المحتل!
لقد ضج أحد التوانسة في ثورتهم قائلاً: «هرمنا».. نعم نحن هرمنا ولا تزال حكومتنا تعتبرنا من «القصر» وبحاجة لوصاية، ويتم إقصاء الكفاءات وتقريب الموالين والمنافقين والمحصلة مزيد من الاستبداد السياسي، والتخلف والخروج من العصر، لا مكان لحوكمة ولا حكم رشيد، وعليه يصح أن نتكلم عن التجربة العربية في الاستبداد، وفي توطين أجهزة الأمن القمعية، أما التجربة العربية في التنمية فيبدو أن جيلنا لن يراها!

ماذا بعد النفط



سألني زميلي عن توقعاتي لنهاية «عصر النفط» خاصة أن تقريراً لـ «سيتي جروب» توقع تحول السعودية من مصدر إلي مستورد للنفط سنة 2030، ولما كنت مجرد كاتب صحفي ومسؤول التحرير عن مجلة «أموال» رحت أجيب بعبارات بسيطة، فلا أنا أحد صناع النفط ولست محرراً مسؤولاً عن الطاقة، بل مجرد متابع وقارئ، وكان خلاصة رأيي أن النفط سوف يستمر معنا طوال القرن الواحد والعشرين، كما كان أحد أسباب ازدهار حضارة القرن العشرين، وأن فكرة الاستغناء عن النفط ببدائل أخري فكرة نظرية لحد كبير، وبراقة لحد ما خاصة عندما يروج لها أنصار البيئة.
وتصادف أنني كنت أقرأ في كتاب «ما بعد النفط» للجيولوجي «كينيث ديفيس»، ترجمة «صباح صديق الدملوجي»، إعداد «المنظمة العربية للترجمة» وبدعم من «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم».. يقول المترجم إن القرن العشرين كان قرن النفط بامتياز، وقد بدأ باستخلاص الكيروسين للإنارة ثم مع اختراع ماكينة الاحتراق الداخلي العاملة بالبنزين وما بني عليها من سيارات ووسائل نقل فتح الباب لاستيعاب صناعة النفط، ثم كانت المحركات النفاثة وكان الأميركيون السباقين في استهلاك المشتقات النفطية بصورة غير عقلانية!
أما المؤلف فيقول إن النفط والغاز أحدثا تحولاً في عالمنا بين عامى 1901 و2005، كان الكيروسين هو المنتج النفطي الوحيد بين 1859 و1908 للإنارة ثم عرف البنزين مع السيارة والنوعية الأحدث منه عرفت مع الطائرة وكان أول طيران للإخوين رايت سنة 1903 وعرفت الطائرة النفاثة سنة 1945 وانتهي الحال بصناعة اللدائن والألياف النسيجية والمذيبات والمبيدات ومواد الطلاء من مشتقات البترول.
يقول المؤلف إن الإنتاج العالمي من النفط قد توقف نموه وتوقع تناقصه سنة 2019 إلي %90 من سنة الذروة التي بلغها إنتاجه وإن البشرية استهلكت %75 من النفط وأميركا وحدها تستهلك %25 من النفط العالمي!
ويري آخرون فيما سبق مجرد «توقعات كئيبة» وفي الـ 9 من أكتوبر «تشرين الأول» 2012 ستصدر وكالة الطاقة الدولية تقريرها الأخير، وكان كبير الاقتصاديين لدي الوكالة قد حذر من أن تراجعاً غير متوقع في صادرات العراق النفطية سيعتبر «خبراً سيئاً جداً»، ويبلغ إنتاجه 3.2 مليون برميل يومياً، يصدر منها 2.0 مليون برميل، ويملك العراق ثالث احتياطي عالمي بنحو 143 مليار برميل بعد السعودية وإيران.
صحيح قد تنجح محاولات تشغيل السيارات والطائرات والسفن بوقود بديل، وربما ينجح الخبراء في توليد الطاقة من بدائل رخيصة وعملية، ولكن حتي يتحقق ذلك لن يستغني العالم عن النفط، هل فكرت أن تنزل من بيتك لتستقل سيارتك فتجدها قطعة من الحديد لأن البنزين غير موجود؟ أو تجد الطائرات مثل البط بأرض المطار لنفاد الوقود؟
استمروا يا صناع النفط ولا تبالوا بصيحات أنصار البيئة، فأميركا علي استعداد  لتشعل العالم حروباً في سبيل تأمين احتياجاتها من النفط، ونقص الوقود في بلد ما كفيل بإسقاط حكومته، وارتفاع سعره قليلاً كفيل بتحريك أسعار كل شىء من تذكرة السفر حتي كيلو الطماطم والخيار!.. اطمئنوا فتوقعاتي أن القرن الحالي سيكون «قرن النفط» كما كان القرن العشرين.
المسؤولية الاجتماعية للإعلام
أصابتني الحيرة مما دار علي مدار شهر من إعداد فيلم حقير أساء لنبي الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم وما ترتب عليه من آثار أريقت فيها الدماء، وكادت تعصف بعالمنا فتنة مدمرة، الدين منها براء، أي دين، ثم صبت مجلة «شارلي إبدو» الفرنسية الزيت علي النار بنشر رسوم مستفزة للمسلمين، علي صعيد آخر نشرت مجلة «كلوزر» الفرنسية صوراً مكشوفة لدوقة كمبردج.. وأعتقد أن مثل هذه الإثارة سوف تتكرر باسم الحرية والإبداع والسبق الإعلامي، وأنا كعربي مسلم ضد إزدراء أى دين أو شخص، أكثر من ذلك تعلمنا في كلية «الإعلام بجامعة القاهرة» أن علي الإعلام مسؤولية اجتماعية تصل لحد منع نشر صور الأحداث- صغار السن- المدانين في قضايا حتي لا تؤثر علي مستقبلهم لاحقا.. هل ارتد العالم إلي الوحشية والبربرية أم أن حضارته كانت قشرة سطحية تخفي شهيته اللانهائية للافتراس والعدوان؟!.. ثم حيرني أكثر موقف «جوجل» من رفض حجب الفيلم المسىء.. أعتقد أن الاعتبارات القانونية والأخلاقية لا تتنافي مع الحرية، وأعتقد أنه كان للمسلمين أن يغضبوا، ولكن الغضب المنضبط.

لغز الفجوة العقارية


في بلادنا العربية معادلة أشبه باللغز عند قراءتها للمرة الأولي، المعادلة تقول بأن الأوطان العربية تشهد أعلي معدلات للإنجاب بالعالم، وإن المرأة والرجل العربي الأعلي خصوبة بين رجال ونساء العالم في وقت نري فيه بعض البلاد الأوروبية «تشيخ» من ندرة الإنجاب، أيضاً بلادنا العربية أكثرها صحاري شاسعة، ولكن مع ذلك نعاني من نقص في المساكن فلا الشباب بقادر علي حيازة سكن خاص إلا بشق الأنفس، ولا أنظمة التمويل العقاري العربية نجحت في سد الفجوة الهائلة بين العرض والطلب، ولا الحكومات اتخذت من القرارات الشجاعة ما يحل المشكلة من جذورها، والمحصلة أننا نظل ندور في نفس الفلك وتتفاقم المشكلة السكانية عاماً بعد عام وتزداد الفجوة بين المعروض من السكن وبين الطلب عليه لدرجة أن متر الأرض في بعض مدن وقري مصر العادية بلغ عشرات الألوف من الجنيهات فما بالكم بامتلاك شقة سكنية!

إن العقار من المطالب الأساسية لكل مواطن، وهو حق ثابت كحقه في الماء والهواء والتعليم والرعاية الطبية، أما أن يتحول هذا الحق الذي يجب أن تكفله حكوماتنا إلي مشكلة مزمنة فذلك هو اللغز الأكبر.

نعم لدينا الأرض الشاسعة في كل بلادنا من الخليج للمغرب، ولدينا الأموال، ولدينا الطلب المتنامي من شريحة الشباب العربي المقبل علي الزواج سنوياً، ولكن بالمقابل لدينا مستثمرون ومطورون عقاريون عينهم علي الإسكان الفاخر والفندقي والفيللات والشاليهات وليس علي إسكان الطبقة المتوسطة، ولدينا وزارات عينها علي الربح المبالغ فيه من وراء مشروعاتها السكنية، ولدينا بنوك هدفها الربح المضاعف علي حساب توفير السكن لمستحقيه لدرجة أن بنوك الإسكان والتعمير المتخصصة صارت سيئة السمعة، ومن وضعه حظه التعس في طريقها مرة ابتعد عنها للأبد وبغير رجعة!

وعندما شرعت حكوماتنا في سد الفجوة العقارية عمدت لوضع قوانين للرهن والتمويل العقاري أقل ما توصف به أنها لا تقدم حلولاً ولا تخفف من عبء المشكلة لأنها تأسست أيضاً بعقلية الربح المغالي فيه علي حساب المستهدف من التمويل.

لقد أخبرني أحد أبرز المطورين العقاريين بأن عائد «الصناديق العقارية» في الدول الأوروبية يتراوح بين %8-6 في حين أنه سيكون بين %14-13 حال عملها في بلادنا العربية، خاصة في بلاد الخليج العربي وفي مصر، معني هذا أن السوق جاذبة جداً لتحقيق عائد سريع ومرتفع لدورة رأس المال.

والحل؟.. لابد أن تتدخل الحكومات بشكل مباشر بتقديم الأرض المرفقة بكامل مرافقها الأساسية للمطورين العقاريين مقابل شروط صارمة ونسبة ربح معقولة علي أن تكون أبرز الشروط تخصيص الوحدات السكنية للشباب وبأقل مقدم وأقل نسبة تقسيط وعلي أطول فترة من السنوات.

أيضاً لابد من تحديث قوانين التمويل العقاري لتتناسب مع شباب محدود الدخل مع استحداث بدائل كاستثمار أموال «الوقف» في السكن، وتقدم البنوك لإقامة مشروعات سكنية بتسهيلات ميسرة، وأن تتولي كل وزارة عبء توفير السكن لموظفيها وذويهم وأنتخصص في الموازنات الحكومية شرائح كبيرة من السيولة لدعم السكن الخاص والعائلي، ولا أقول «الإداري والتجاري» وإن كانا يعانيان من نفس الفجوة ولكن بدرجة أقل.

إننا إذا كنا نطالب شبابنا بالانتماء وعدم السخط فعلي الأقل نوفر له أربعة جدران علي قطعة أرض في بلده كبداية وكرابط متين بينه وبين أرضه، أنني آمل أن تصبح بلادنا واحات خضراء للحياة والسكن والطمأنينة بدلاً من أن تنتهي إلي مجرد مستقر نهائي في قبر متر في متر، الحياة هي الأصل فيا أولياء أمورنا ساعدوا شبابنا العربي علي الحياة.

الأتراك عائدون

 عندما ذهبت لقضاء إجازة عيد الأضحي المبارك وسط عائلتي بإحدي القري بشمال دلتا مصر، تحديدا في «المنصورة» وجدت هوس الصغار والكبار بالدراما التركية، يتابعونها بشغف، وينتظرون مواقيت إذاعة المسلسلات علي الفضائيات العربية، خاصة المسلسل الأشهر «حريم السلطان» الذي أصبح بطلاته وأبطاله أشهر من بعض السياسيين العرب، فالمشاهد العربي صار ينطق أسماء «السلطان سليمان والسلطانة هيام وخديجة وإبراهيم باشا وسنبل أغا» وغيرهم ويتابعهم بحب واهتمام!

ودفعني ذلك الاهتمام من الجميع لمتابعة المسلسل فوجدت دراما تاريخية رائعة، بحوار هادئ الإيقاع وديكوراتها الفخمة والموسيقي الهادئة، والصراعات البشرية العميقة، وكلها تحت السيطرة بحنكة وخبرة دون ابتذال أو تهريج أو تسطيح أو انتهاك لخصوصية البيت العربي بألفاظ بذيئة.

ثم كان أن احتجت مع مطلع فصل الشتاء لشراء دفاية فوجدت البائع يخيرني بين الدفاية التركي أو الصيني، ويمدح لي في مزايا الصناعة التركية، نفس الأمر حصل معي عند شرائي خراطيم أحواض منزلية كانت مهمة لأعمال السباكة في بيتي فوجدت البائع يعرض عليّ النوع  الصيني والتركي ويمدح في التركي.

كذلك في صناعة الملابس والمفروشات والستائر أصبح الأتراك متقدمين جداً، أما عن المطبخ التركي فحدث ولا حرج، فهو من الشهرة بمكان أن يتصدر المطابخ العالمية بعراقته وأطباقه الشهيرة، وهو مطبخ متداخل جداً مع أذواقنا نحن العرب، حيث أخذنا من الأتراك وأخذوا منا عبر أكثر من ستة قرون.

لقد جاءنا العثمانيون قبل خمسة قرون غازين عندما نجح السلطان سليم الأول في قهر المماليك واستولي علي الشام ومصر والجزيرة العربية بالسيف، أما الآن فإن أحفاد العثمانيين يعودون إلي المنطقة لا بالسيف ولكن بالصناعة والتجارة «القوة الخشنة»، وبالدراما والأفلام «القوة الناعمة»س.

لقد طرق الأتراك أبواب «الاتحاد الأوروبي» سنوات طوال فلم تفتح لهم ولم يحصلوا علي عضويته فولوا وجوههم إزاء الشرق العربي فنجحوا، وصارت كاريزما رجب طيب أوردغان علي القمة بمواقفه السياسية المناصرة للحق العربي خاصة في فلسطين، ونجح «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في إحداث تحول اقتصادي كبير في تركيا في أقل من 10 سنوات وصارت الجارة اليونان تشكو الأزمات الاقتصادية، في حين أن تركيا تواصل تحقيق النمو.

طبعاً لدي تركيا مشاكلها الخاصة من أكراد وحرب سورية علي حدودها واستضافة اللاجئين وضرورة إبداع صناعات استراتيجية ولكنها بدأت ووضعت أقدامها علي طريق النجاح، وتشكل بلادنا العربية الحديقة الخلفية لمنتجاتها الصناعية والدرامية، وعندما تسيطر مسلسلاتهم علي عقول أهلنا بجودتها فإننا لا نملك إلا أن نقول إن الأتراك عائدون فمرحباً بهم.

عمرو خالد وفن صناعة الحياة



نجح الداعية العصري عمرو خالد فيما فشلت فيه وزارات إعلام في بعض الدول، وحقق من التأثير والتفاعل الإيجابي ما لم تحققه أجهزة رسمية تضم مئات الموظفين وتنفق الملايين، وخطَّ لنفسه خطاً وسطياً معتدلاً تميز أيضاً بالبساطة والوضوح وتقريب غايات الدين الإسلامي للشباب بقدرة كبيرة علي الإقناع، وانتقل من مجرد الكلام إلي الفعل، ومن الفعل للمبادرة، فكانت أفكاره التي نثرها ونشرها علي امتداد وطننا العربي مشاعل نور وأبواب أمل ومشروعات علي أرض الواقع، بث الأمل والصدق والتعاون وعدم الاستهانة بأي فكرة بسيطة فحصد آلاف الأفكار التي تحولت لمشروعات تبذر العطاء وتنشر الخير وتكافح البطالة.
دعا عمرو خالد إلي جمع الملابس لفقراء الصومال فجمع الناس 1.5 مليون كيس ملابس، ودعا لإعداد شنطة رمضان، ودعا عبر برنامجه «صُنَّاع الحياة» إلي كسر القيود والأغلال وانطلاق القدرات الإبداعية، فصار البرنامج مؤسسة عامرة بالنجاح.
لقد تتبعت صعوده منذ خمسة عشر عاماً فوجدته محدد المسارات، واضح الفكرة، بسيط التناول، واسع الثقافة، علاوة علي تميزه باللين والإقناع والصدق، غير شتّام، ولا يرد علي من يهاجمونه وهم كُثر.. حاول «نظام مبارك الأمني» اغتياله معنوياً واضطره لمغادرة مصر فلم يفقد الأمل ولم يحمل الضغينة ضد بلده، وحاول دُعاة آخرون سبّه والتقليل من شأنه فلم يثأر لنفسه ومضي في طريقه يبذز الأمل ويصنع النجاح.
وبعرض مختصر لعناوين بعض برامجه نجده قد طاف من «إصلاح القلوب» إلي «صُنَّاع الحياة» مروراً بـ:«يوم القيامة والمرأة وحتي يغيروا ما بأنفسهم، وقصص الأ نبياء، ونلقي الأحبة، والبيوت السعيدة، وقصص القرآن، ومع التابعين، وباسمك نحيا، والجنة في بيوتنا..»، وقاد حملات للتبرع لفقراء فلسطين والصومال ولختم القرآن، وأصبح موقعه يستضيف ملايين الزوار العرب خاصة من الشباب.
لقد أجريت معه حواراً تليفونياً نُشر سنة 2001 في سبتمبر «أيلول» بمجلة «التصوف الإسلامي» وقت أن هاجمه البعض وقالوا إنه داعية الأغنياء والأندية الراقية وإنه لم يتخرج في جامعة إسلامية و.. والتزم هو الصمت ثم قال لي إن الهجوم علي شخصه أمر متوقع وطبيعي، وإنه لا يبحث عن الشهرة، ولا يجري خلف الأضواء، وليس مشغولاً بالدفاع عن نفسه، وإنه لا توجد أيدٍ خفية خلفه، وإنه كما يوجد له محبون يوجد كارهون وهذا أمر طبيعي وليست له خصومة مع أحد.
أتكلم عن عمرو خالد الآن ليس من باب الدعاية له فهو لا يحتاج إلي ذلك مني، ولكن من باب القدوة التي غرسها والأمل الذي فتح أبوابه علي مصراعيه، والعطاء المخلص والصدق الذي نشره، وأعرف يقيناً كم من شاب كان ضائعاً فقاده إلي طريق الاستقامة والنجاح، وكم من فتاة كانت مُحطمة نفسياً فهداها وشحذ عزيمتها، وهذا هو جوهر ديننا، دين الأمل والحياة، لا دين الكآبة وتحريم الحياة، تحية لعمرو خالد وليتنا نري عشرات الشباب المبادر الفعال المؤثر مثله ليتغير وجه وطننا العربي للأفضل.