سألني زميلي عن توقعاتي لنهاية «عصر النفط» خاصة أن
تقريراً لـ «سيتي جروب» توقع تحول السعودية من مصدر إلي مستورد للنفط سنة 2030،
ولما كنت مجرد كاتب صحفي ومسؤول التحرير عن مجلة «أموال» رحت أجيب بعبارات بسيطة،
فلا أنا أحد صناع النفط ولست محرراً مسؤولاً عن الطاقة، بل مجرد متابع وقارئ، وكان
خلاصة رأيي أن النفط سوف يستمر معنا طوال القرن الواحد والعشرين، كما كان أحد
أسباب ازدهار حضارة القرن العشرين، وأن فكرة الاستغناء عن النفط ببدائل أخري فكرة
نظرية لحد كبير، وبراقة لحد ما خاصة عندما يروج لها أنصار البيئة.
وتصادف أنني كنت أقرأ في كتاب «ما بعد النفط» للجيولوجي
«كينيث ديفيس»، ترجمة «صباح صديق الدملوجي»، إعداد «المنظمة العربية للترجمة»
وبدعم من «مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم».. يقول المترجم إن القرن العشرين كان قرن
النفط بامتياز، وقد بدأ باستخلاص الكيروسين للإنارة ثم مع اختراع ماكينة الاحتراق
الداخلي العاملة بالبنزين وما بني عليها من سيارات ووسائل نقل فتح الباب لاستيعاب
صناعة النفط، ثم كانت المحركات النفاثة وكان الأميركيون السباقين في استهلاك المشتقات
النفطية بصورة غير عقلانية!
أما المؤلف فيقول إن النفط والغاز أحدثا تحولاً في
عالمنا بين عامى 1901 و2005، كان الكيروسين هو المنتج النفطي الوحيد بين 1859
و1908 للإنارة ثم عرف البنزين مع السيارة والنوعية الأحدث منه عرفت مع الطائرة
وكان أول طيران للإخوين رايت سنة 1903 وعرفت الطائرة النفاثة سنة 1945 وانتهي
الحال بصناعة اللدائن والألياف النسيجية والمذيبات والمبيدات ومواد الطلاء من
مشتقات البترول.
يقول المؤلف إن الإنتاج العالمي من النفط قد توقف نموه
وتوقع تناقصه سنة 2019 إلي %90 من سنة الذروة التي بلغها إنتاجه وإن البشرية
استهلكت %75 من النفط وأميركا وحدها تستهلك %25 من النفط العالمي!
ويري آخرون فيما سبق مجرد «توقعات كئيبة» وفي الـ 9 من
أكتوبر «تشرين الأول» 2012 ستصدر وكالة الطاقة الدولية تقريرها الأخير، وكان كبير
الاقتصاديين لدي الوكالة قد حذر من أن تراجعاً غير متوقع في صادرات العراق النفطية
سيعتبر «خبراً سيئاً جداً»، ويبلغ إنتاجه 3.2 مليون برميل يومياً، يصدر منها 2.0
مليون برميل، ويملك العراق ثالث احتياطي عالمي بنحو 143 مليار برميل بعد السعودية
وإيران.
صحيح قد تنجح محاولات تشغيل السيارات والطائرات والسفن
بوقود بديل، وربما ينجح الخبراء في توليد الطاقة من بدائل رخيصة وعملية، ولكن حتي
يتحقق ذلك لن يستغني العالم عن النفط، هل فكرت أن تنزل من بيتك لتستقل سيارتك
فتجدها قطعة من الحديد لأن البنزين غير موجود؟ أو تجد الطائرات مثل البط بأرض
المطار لنفاد الوقود؟
استمروا يا صناع النفط ولا تبالوا بصيحات أنصار البيئة،
فأميركا علي استعداد لتشعل العالم حروباً
في سبيل تأمين احتياجاتها من النفط، ونقص الوقود في بلد ما كفيل بإسقاط حكومته،
وارتفاع سعره قليلاً كفيل بتحريك أسعار كل شىء من تذكرة السفر حتي كيلو الطماطم
والخيار!.. اطمئنوا فتوقعاتي أن القرن الحالي سيكون «قرن النفط» كما كان القرن
العشرين.
المسؤولية الاجتماعية للإعلام
أصابتني الحيرة مما دار علي مدار شهر من إعداد فيلم حقير
أساء لنبي الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم وما ترتب عليه من آثار أريقت فيها
الدماء، وكادت تعصف بعالمنا فتنة مدمرة، الدين منها براء، أي دين، ثم صبت مجلة
«شارلي إبدو» الفرنسية الزيت علي النار بنشر رسوم مستفزة للمسلمين، علي صعيد آخر
نشرت مجلة «كلوزر» الفرنسية صوراً مكشوفة لدوقة كمبردج.. وأعتقد أن مثل هذه
الإثارة سوف تتكرر باسم الحرية والإبداع والسبق الإعلامي، وأنا كعربي مسلم ضد
إزدراء أى دين أو شخص، أكثر من ذلك تعلمنا في كلية «الإعلام بجامعة القاهرة» أن
علي الإعلام مسؤولية اجتماعية تصل لحد منع نشر صور الأحداث- صغار السن- المدانين
في قضايا حتي لا تؤثر علي مستقبلهم لاحقا.. هل ارتد العالم إلي الوحشية والبربرية
أم أن حضارته كانت قشرة سطحية تخفي شهيته اللانهائية للافتراس والعدوان؟!.. ثم
حيرني أكثر موقف «جوجل» من رفض حجب الفيلم المسىء.. أعتقد أن الاعتبارات القانونية
والأخلاقية لا تتنافي مع الحرية، وأعتقد أنه كان للمسلمين أن يغضبوا، ولكن الغضب
المنضبط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق